العدد 4992
الأربعاء 15 يونيو 2022
banner
عالم اليوم.. أدواته مختلفة
الأربعاء 15 يونيو 2022

الجيل الجديد له توقعاته المختلفة، يفكر بطريقة إبداعية، ومن الصعب أن نضعه في دائرة تنبؤنا، الجيل الجديد يعيش اليوم في بيئة سريعة التغير، كثيرة الروافد، متشعبة الطرق، في بيئة أكثر انفتاحا واتساعا، فنراه دائم السعي لإشباع شغفه الذي يتجدد بتجدد الأيام، ويتطور بتقدم السنين، وهذا الواقع السريع الغزير يتطلب معالجات مختلفة؛ تختلف عن المعالجات التي كنا نعتمد عليها مع الأجيال السابقة، والتي هي بنت بيئتها الصغيرة المحدودة بحدود الأرض والواقع. نحن اليوم نعيش بين عالمين: عالم واقعي، وعالم افتراضي، وهو العالم الجديد الذي يضرب مداه في طول الأرض وعرضها، ليست له لغة واحدة، ولا عقيدة واحدة، ولا قانون واحد.. بل هو العالم الفسيح الذي يضم كل اللغات، وكل الأديان، وكل العقائد، وكل التوجهات، وكل القوانين، وكل الآراء.. إنه البحر.. نحن أمام البحر حقا!
أصبح هذا الجيل يميل إلى لغة الحوار والإقناع بصورة أكبر مما كانت عليه الأجيال قديما. أصبح يبحث عن النتائج والمشاريع، ويزهد في الشعارات والخطابات الرنانة والآيديولوجيات المغلقة، كيف لا وهو منفتح على العالم، يرى وهو على أريكته ما يحدث في أقصى بقعة في الأرض، ويتحدث مع سكانها؛ يختلف معهم ويأتلف، وربما كوّن معهم علاقات وصداقات، واطلع من خاصة أمورهم وأدقها على ما لا يعرفه عن أخيه وجاره، أجيال اليوم تفهم تطورات العالم من حولها وتريد اللحاق بركب التطور والنهضة الاقتصادية والفكرية والتكنولوجية التي باتت سمة العصر، الجيل الجديد بات يؤمن بالمعرفة، ويلمس التقدم التقني والتقارب بين البشر في أطراف المعمورة، ويرى هذا القرب سبيلا لتسيير حياته وسعيه في الحياة، لأنه يدرك أن ما هو مطلوب منه اليوم مختلف تماما عما كان مطلوبا في العقدين الماضيين، مطلوب من الشباب اليوم أفكار جديدة تتواكب مع نغمة الحياة الجديدة، وإبداعات وابتكارات نوعية تختلف عن الإبداعات التي أخذت حيزها ومكانتها في الزمن الآفل. الجيل الجديد اليوم يبحثُ عن مساحات أخرى يبصم فيها بصمته الخاصة، ويغذيها بذائقته المميزة، وآفاق أكثر رحابة تتسع لكل آماله وتطلعاته وطموحاته التي تتفق والتطور الحاصل وإيقاع الوقت الذي يعيشه.
هذا الأمر يلقي المسؤولية على الآباء والمثقفين في مجتمعاتنا؛ إذ يلزمهم فهم طبيعة هذه الديناميكية، والعمل على خلق أسلوب ينسجم معها بدلا من الإصرار على أدلجة عقول الشباب بشعارات تقليدية لم تعد لها جدوى، بل هي عاجزة عن تغيير حالهم وواقعهم. ودمتم بخير.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية