+A
A-

نصائح للتعامل مع السوق الهابطة.. هل الانخفاض فرصة لشراء المزيد من الأصول؟

يمكن للمستثمرين الصغار التعامل مع الانخفاض الحاد في الأسهم هذا العام على أنه فرصة شراء، كما أنه قد لا يتمكن المستثمرون الأكبر سناً من الانتظار حتى يتعافى.

وبات أغلب المستثمرين في الأسواق يتساءلون عن كيفية التعامل مع السوق الهابطة الحالية، إلا أن المحزن في الأمر أن احتمالات الركود قد تعني اتجاها هبوطيا طويل الأجل لا يُعلم قاعه، ومعدلات التضخم قد تأكل القدرة الشرائية للأموال حتى وإن نجحت في تحقيق بعض العوائد الموجبة.

ومع قيام الفيدرالي الأميركي برفع أسعار الفائدة بمقدار 0.75 نقطة مئوية الأسبوع الماضي، تزامناً مع ارتفاع التضخم عند قرابة 9%، تراجعت الأسهم الأميركية بنسبة 22% هذا العام؛ فيما انخفضت السندات بنسبة 11%.

وجراء هذه الخسائر يقدم كاتب عمود "المستثمر الذكي" في "وول ستريت جورنال"، جايسون زويغ، مجموعة من النصائح، خاصة إذا استمرت التراجعات لفترة أطول.

وقال إن مدى نجاحك كمستثمر للخروج من هذا الركود جزئياً يعتمد على طول آفاقك الاستثمارية، ولكن الأهم من ذلك على كيفية استجابتك.

وفيما يرى البعض أن ردود الفعل تعتمد على السلوك البشري المسيطر حالياً بالشعور بضرورة البيع في الوقت الحالي، قبل أن يتم تدمير ثروتك المتبقية إلى أجزاء صغيرة، إلا أن الوجه الآخر يجمد العقل عن التفكير ويدفع الأشخاص لتجنب اتخاذ أي إجراء يزيد من سوء الموقف.

فرصة للشراء

وفي الوقت الذي يرى بعض المستثمرين الشجعان هذا الانخفاض كفرصة لشراء المزيد من الأصول بأسعار أقل، يسعد الآخرين بالحصول على عائد جيد على النقد بعد أكثر من عقد من العوائد التي تقترب من الصفر.

ومن المهم أن نتذكر أن الأسهم الأميركية، حتى بعد الانتكاسات التي حدثت هذا العام، لا تزال تكسب ما يقرب من 13% سنوياً في المتوسط خلال العقد الماضي.

والأهم في الوقت الراهن من قرار الشراء أو البيع في الوقت الحالي، هو بعض التغييرات السلوكية الدائمة التي يمكن أن تبقيك على المسار الصحيح.

ووفقا لـ"المستثمر الذكي" فإنه "من المفيد، كلما أصبحت الأسواق مقلقة، أن ننظر إلى السوابق التاريخية، إلى أي مدى يمكن أن تصبح الأمور سيئة؟".

وأشار كاتب العمود في مقاله، إلى السيناريو الأسوأ الذي يخشاه أكثر المستثمرين الأميركيين، وهو تكرار الركود التضخمي بين عامي 1966 و1982، عندما كان النمو الاقتصادي متقطعاً، وبقي التضخم في خانة العشرات لسنوات ولم تذهب الأسهم إلى أي مكان على الإطلاق.

في هذا الوقت أغلق مؤشر S&P 500 وتحديداً في 9 فبراير 1966، عند مستوى قياسي بلغ 94.06 نقطة، وبعد أكثر من 16 عاماً، في 12 أغسطس 1982، بلغ 102.42 نقطة.

كما تقلصت أرباح الشركات بعد التضخم بنسبة 15%، وفقاً لبيانات من الخبير الاقتصادي بجامعة ييل، روبرت شيلر.

وعلى الرغم من أن الشركات دفعت أرباحاً سخية، وصلت إلى قرابة 6% بنهاية الفترة، لكن التضخم التهمها بالكامل.

وكانت تلك الفترة بمثابة محنة جعلت المستثمرين الأفراد من الكائنات المهددة بالانقراض"، وفقاً لوصف كاتب العمود.

الاستثمار التلقائي

وفي عام 1970، وفقاً لمسح أجراه مجلس الاحتياطي الفيدرالي للأسر، استثمر 25% من العائلات في الأسهم؛ وبحلول عام 1983، تقلصت النسبة إلى 19%.

وبين عامي 1970 و1981، تقلص إجمالي الأصول المستثمرة في صناديق الاستثمار المشتركة إلى 41 مليار دولار من 45 مليار دولار.

وعلى الرغم من أن العديد من المستثمرين استسلموا في تلك السنوات القاتمة، إلا أنه لا يمكن الجزم بالنتيجة التي حققها المستثمرون الذي احتفظوا بخططهم ثابتة بشراء الأسهم، خاصة أن خطط "الاستثمار التلقائي"، التي تمكّن الأفراد من اتباع استراتيجية الشراء بزيادات منتظمة على فترات طويلة، لم تُستخدم على نطاق واسع في تلك الأيام.

ومثلاً لو كنت قادراً على استثمار 100 دولار في الأسهم الأميركية في كل شهر من الـ199 شهراً من فبراير 1966 حتى نهاية أغسطس 1982، فإن استثماراتك التراكمية البالغ قيمتها 19900 دولار كانت ستصبح 18520 دولاراً بعد التضخم، وفقاً لشركة الأبحاث مورنينغ ستار.

وبحلول عام 1982، تقلصت القوة الشرائية البالغة 19900 دولار في عام 1966 إلى حوالي 11000 دولار، وفقاً لتقديرات نيك ماجيولي، مدير العمليات في Ritholtz Wealth Management في نيويورك ومؤلف كتاب "Just Keep Buying"، وهو كتاب عن استراتيجيات الاستثمار التلقائي.

الانضباط السلوكي

وبينما لا يمكن أن يضمن الاستثمار التلقائي نتيجة إيجابية، إلا أن الجيد في الأمر هو أنه يفرض الانضباط السلوكي على المستثمرين.

وفي الوقت الذي من المرجح أن يشعر المستثمرون الذين ينفقون كل أموالهم في وقت واحد بالأسف حول اتجاه السوق الهابطة، فإن أولئك الذين يستثمرون بصورة مستمرة مع دقات الساعة يميلون إلى القلق بشكل أقل بشأن الشراء في الوقت الخطأ، مما يسهل عليهم الاستمرار في المسار.

ويرى زويغ، أن الالتزام باستراتيجية معينة أمر مهم بشكل خاص للمستثمرين الشباب الذين لديهم آفاق طويلة. إذ يمكن أن تساعدهم الخطة في إدراك أن الأسواق الهابطة ليست كارثة، بل فرصة لصناعة الثروات.

وللتأكيد على هذا، ينصح المستثمر الأسطوري، وارن بافيت، المستثمرين بضرورة التفكير في الأسهم مثل "البرغر"، فإذا كنت تحبها، يجب أن تتمنى انخفاض أسعارها، لا أن ترتفع، وكلما كنت أصغر سناً، زادت وجباتك في المستقبل.

وصاغ بافيت نصيحته بطريقة أخرى في عام 1997، حيث قال: "فقط أولئك الذين سيبيعون الأسهم في المستقبل القريب يجب أن يكونوا سعداء برؤية ارتفاع الأسهم".

وأوضح: "أود أن أقول إن مشكلة الأسهم Stocks تكمن في أنها تحتوي على الحرف T، فإذا كان يطلق عليها Socks والتي تعني جوارب، فإن الناس سيعاملون انخفاضاً بنسبة 20% في السعر ليس على أنه إشارة بيع، ولكن على أنه أوكازيون تخفيضات".

وأضاف: "عندما تصبح الجوارب أرخص بنسبة 20%، لا تتسرع في التخلص من الجوارب التي تمتلكها بالفعل؛ لكنك تقوم بفحص درج الجوارب الخاص بك لمعرفة ما إذا كنت بحاجة إلى بضعة أزواج أخرى" مؤكداً أنه "يجب على المستثمرين الشباب معاملة الأسهم بنفس الطريقة".

معايير تاريخية

وبالمعايير التاريخية، فمن المؤكد أن الأسهم لا تزال غير رخيصة، لكن الشباب الذين يسعون لبناء الثروة على مدى فترات طويلة يجب أن يكونوا أكثر سعادة لشراء الأسهم بعد انخفاض هذا العام بنسبة 20% عما كانت عليه خلال الارتفاع بنسبة 114% الذي سبقه.

ومن الأخبار السارة، بالنسبة للمستثمرين الأصغر سناً وكبار السن على حد سواء، أن عائدات الأصول المدرة للدخل آخذة في الارتفاع.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة إلم بارتنرز مانجمنت، جيمس وايت، وهي شركة استثمارية في فيلادلفيا: "على مر التاريخ، لم تكن الطريقة التي كان يعتقد بها معظم الناس بشأن الثروة تتعلق بالمبلغ الذي تمتلكه، بل من حيث مقدار الدخل الذي يمكن أن تنتجه".

ومع ارتفاع أسعار الفائدة، ارتفع ما يسمى بالعائد الحقيقي على سندات الخزانة طويلة الأجل المحمية من التضخم، أو ما تعرف بـ TIPS، بسرعة إلى 1% هذا العام. يتتبع هذا المقياس ما تدفعه هذه الأوراق المالية للمستثمرين بما يزيد عن التضخم المتوقع. بدأ عام 2022 عند -0.43%.

لذلك، يشير وايت إلى أن استثماراً بقيمة مليون دولار في سندات TIPS يمكن أن يولد الآن 10000 دولار من الدخل السنوي، بعد التضخم، والذي يكون خالياً من المخاطر بشكل أساسي. وحتى أبريل الماضي، لم يكن من الممكن أن ينتج عن نفس المليون دولار أي دخل معدل حسب التضخم على الإطلاق.

وأخيراً ينصح زويغ، بأنه خلال السوق الهابطة، من الضروري أن تنفق أقل؛ "تمويل نمط حياتك عن طريق بيع الأصول التي انخفض سعرها أمر مؤلم".

وفي النهاية، ما إذا كانت الأسواق ستنتعش بسرعة أو ببطء، فهذا أمر متروك للدببة، أما طريقة ردك متروكة لك.