مع قرب موعد الانتخابات النيابية والبلدية صار ملاحظا أمر مشاهدة مسرحيات “بيكيت” أو “يونيسكو” عند بعض المترشحين الذين بدأوا يربطون أنفسهم بالعمل الخيري والإصلاح والصلاح ونفع العباد، فمن كان لا يعرف المسجد أصبح اليوم ملتصقا به كقطعة أثاث ولا يفارقه، حتى صلاة الفجر لا تفوته، ومن كان لا يعرف دور المسنين والمعاقين أصبح اليوم يزورهم باستمرار ويصور معهم وينشر الصور في وسائل التواصل الاجتماعي على أنه حدث مهم لا يفعله إلا الخطباء والأباطرة، ومن كان يعيش بدماغ إلكتروني في الدائرة ولا يطيق أحدا وحياته عبارة عن مساحة شاسعة من المشاكل والعراك، تحول إلى حمل وديع مسجلا أرقاما قياسية في السلام “في الطلعة والدخلة”، ومن عرفه الناس بالبخل ويتذكر بحسرة أي دينار ينفقه، أصبح اليوم بكرم حاتم الطائي ومتخصصا في المنتجات الغذائية.
كل تلك الحيل أقل ما يمكن أن نطلق عليها أنها التصيد بالطرق القديمة المستهلكة، والتعلق بالمغامرة والمعجزة حتى الفوز بالمقعد، وبعدها يحتجبون عن الناس وأهالي الدائرة لأن التركيز سيكون زيادة الربح وإعطاء أهمية أعظم للراتب المغري على أوسع نطاق، والمضحك في الأمر أن البعض أدخل بعض التعديلات على الطرق القديمة المستهلكة، حيث أقر بالتبرع بجزء من راتبه لدعم كذا وكذا، شارحا الأسس العامة لترشحه وجوانبها الإيجابية، والأدهى من ذلك أن البعض وبحسب التجربة الرائدة “كما يدعي” أقر خطوطا عامة جديدة في المجتمع تتوافق مع التطورات، وتطبيق أساليب تفيد التخطيط والإنتاج والتغلب على العقبات التي برزت مؤخرا.
ارحمونا يا فلاسفة عن كل هذا “القرف” والاغتراب والظاهرة المرضية التي تدل على أنكم لا تعيشون الواقع ولا تحسون بما يحدث للآخرين، وتخلقون عوالم وهمية تصولون فيها وتجولون بذاكرة خاملة.