“الحياد” حد فاصل بين المحامي والوسيط
خميس لـ “البلاد”: تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية الوساطة... التصالح بدل التقاضي
اللجوء للوساطة مفتوح سواء قبل أو أثناء أو بعد اللجوء للمحاكم
ضرورة تضافر الجهود الإعلامية لشرح القوانين والقرارات والخدمات
التحكيم هو تعيين من قبل المحكمة إلى مُحكم في موضوع محدد
يحتاج المجتمع إلى وقت كافٍ كي تترسخ لديه مفهوم الوساطة
المساحة المشتركة بين الوساطة والتوفيق الأسري في الأهداف وحدود الاختصاص واسعة جدًا
قال الوسيط الشرعي المعتمد ياسر خميس “إن للوساطة الشرعية 3 حدود رئيسة وهي أن تكون في مسائل الأحوال الشخصية، وأن تكون في حدود مسائل الولاية على النفس، وهذا ما يخرج الولاية على المال من الاختصاص، إضافة إلى أن تكون في المسائل التي يجوز فيها الصلح، إذ إن بعض المسائل لا يجوز التصالح عليها، وهي التي تخالف الشرع والقانون.
وعلى سبيل المثال، لو حضر طرفان أمام الوسيط وأرادا أن يكون البدل عن الخلع التنازل عن حضانة الأولاد، فهذا لا يجوز التصالح عليه لأنه يخالف المادة رقم 96 من قانون الأسرة”.
وبين خميس خلال حديثه في لقاء مع “البلاد” الحد الفاصل بين الوسيط والمحامي، مبينا انه على الوسيط أن يكون محايدًا بالكامل وعلى مسافة واحدة من الطرفين، أما المحامي فيجوز له أن يكون في صف موكله، ومن شدة الحياد منع القرار الوزاري الوسيط أن يكون وسيطًا إذا كان بينه وبين أحد الأطراف قرابة أو مصاهرة إلى الدرجة الرابعة.
وعن مدى تأثير التشريعات الأخيرة المتعلقة بالوساطة الشرعية على المجتمع، قال خميس: عندما فتح الباب للوسطاء والخبراء في مجال الشرع لحل النزاعات الأسرية فإنه يتم اختيارهم وفق معايير وقد خضعوا لدورات تدريبية، ما يعني فتح الباب للشراكة المجتمعية، وبالتالي فإن ذلك سيخفف من النزاعات ويقلل العبء عن كاهل المحاكم الشرعية، فضلًا عن أن تسوية الخلافات تساهم في المحافظة على كيان الأسرة.
وفي ما يلي نص الحوار بالكامل.
ما الوساطة الشرعية؟
الوساطة الشرعية تعرف نفسها بنفسها، لكن وبحسب ما جاء في القرار الوزاري رقم 96/2021 تعرف بأنها كل عملية يطلب فيها الأطراف من شخص آخر يسمى الوسيط المساعدة في التوصل إلى تسوية لحل الخلافات الأسرية، سواء التي لم تصل للقضاء أو للمنازعات التي قُدم بشأنها طلب تسوية في مكتب التوفيق الأسري أو في الدعاوى المنظورة أمام المحاكم الشرعية.
ما الحدود والمزايا في الوساطة الشرعية؟
القرار الوزاري المشار إليه في إجابة السؤال الأول هو المرجعية للوسطاء الشرعيين، وهو والذي نظم دور الوساطة الشرعية، وبالرجوع إليه نجده حدد 3 حدود رئيسة للوساطة الشرعية، هي:
-1 أن تكون في مسائل الأحوال الشخصية.
-2 أن تكون في حدود مسائل الولاية على النفس، وهذا ما يخرج الولاية على المال من الاختصاص.
-3 أن تكون في المسائل التي يجوز فيها الصلح، إذ إن بعض المسائل لا يجوز التصالح عليها، وهي التي تخالف الشرع والقانون، على سبيل المثال، لو حضر طرفان أمام الوسيط وأرادا أن يكون البدل عن الخلع التنازل عن حضانة الأولاد، فهذا لا يجوز التصالح عليه لأنه يخالف المادة رقم 96 من قانون الأسرة، وعليه تكون حدود الوساطة فيما يجوز فيه الصلح، أما عن مزايا الوساطة فهي كثيرة، ولكي نعرف أهميتها وميزتها يمكن مقارنتها بالمحكمة مثلًا، في الوساطة يتم اختيار الوسيط باتفاق الأطراف، وفي المحكمة ليس للأطراف اختيار المحكمة ولا قضاتها، في الوساطة يقدم الوسيط حلولًا للنزاع دون إلزام الأطراف بها وأما مهمة القضاء في الأساس فهي الفصل في الموضوعات وليس تقديم الحلول، حيث تتسم عملية الوساطة في كل مراحلها بالخصوصية والسرية، وأما الأصل في المحكمة علنية الجلسات بحسب المادة (3) من قانون السلطة القضائية، وإن كانت محاكم الأسرة تراعي الخصوصية. في الوساطة يحدد الأطراف مدة الوساطة واختيار جلساتها، أما المدة وعدد الجلسات في المحكمة فإنها وفق تقديرها، الوساطة تنهي نزاعات من اختصاص عدة محاكم مادامت في حدود اختصاص الوسيط، وفي المحكمة الالتزام بحدود الاختصاص فقط.
هل هناك تداخل بين عمل الوساطة والمحاماة، وما تأثيره على طالب الوساطة؟
عند اللجوء للمحامي يكون المحامي كما لو كان الشخص الأصيل موجودًا أمام المحكمة، لأن دور المحامي ينتصر لموكله، عكس الوسيط الذي يكون على مسافة واحدة بين الخصوم، لذلك يمنع على المحامي الوساطة إذا كان وكيلًا لأحد الأطراف في أي من الإجراءات السابقة على الوساطة والمتعلقة بموضوعها.
ما الحد الفاصل بين الوسيط والمحامي؟
الحد الفاصل هو الحياد، على الوسيط أن يكون محايدًا بالكامل وعلى مسافة واحدة من الطرفين، أما المحامي فيجوز له أن يكون في صف موكله، ومن شدة الحياد منع القرار الوزاري الوسيط أن يكون وسيطًا إذا كان بينه وبين أحد الأطراف قرابة أو مصاهرة إلى الدرجة الرابعة، لأن ذلك من شأنه أن يشعر الطرف الأخر بعدم حياد الوسيط، أما المحامي فيجوز له أن يكون محاميًا عن أحد الأقرباء من عائلته.
ما الفرق بين الوساطة الشرعية والتوفيق الأسري؟
لو نقرأ القرار الوزاري رقم 84/2015 الذي حدد إجراءات التوفيق الأسري، والقرار الوزاري رقم 96/2021 الذي نظم الوساطة الشرعية، نجد أن المساحة المشتركة في الأهداف وحدود الاختصاص واسعة جدًا، يزيد على الموفق الأسري صلاحية إعطاء الصلح قوة السند التنفيذي.
ما مدى إلزامية الطرفين بنتائج الوساطة الشرعية، وهل يتم تحرير اتفاقية الوسيط للتقيد بها؟
إذا لم يكن الاتفاق قابلًا للتنفيذ فما الغاية منه أصلًا؟ نعم الاتفاق المبرم من الوسيط الشرعي والموقع منه ومن الأطراف ملزم ويمكن تنفيذه عبر محكمة التنفيذ.
في أي من الأحوال يتم اللجوء إلى الوساطة الشرعية؟
اللجوء للوساطة مفتوح للطرفين سواء قبل أو أثناء أو بعد اللجوء للمحاكم أو مكتب التوفيق الأسري.
في اعتقادك ما مسؤولية المؤسسات الإعلامية اليوم إزاء القرارات والقوانين بشأن حماية الأسرة؟
في ظل تعدد وسائل الإعلام واستخدام تقنيات التواصل الاجتماعي، يجب أن تتضافر الجهود لإتاحة الفرصة للمعنيين بشرح وتفصيل القوانين والقرارات والخدمات التي تقدم في سياق إشاعة الوعي المجتمعي القائم على تقديم خيار التصالح على التقاضي.
ما أهم القوانين والقرارات التي صدرت مؤخرًا في شأن تسهيل التقاضي وفض النزاعات الأسرية؟
المتقصي للمراسيم والقوانين والقرارات التي صدرت في السنوات الماضية في هذا الشأن يجد أنها كثيرة، ولكن أهمها التي صدرت في آخر 6 سنوات، ومنها المرسوم بقانون رقم 22 لسنة 2015، المرسوم الذي أوجب على من يرغب في رفع دعوى شرعية أن يقدم طلب تسوية إلى مكتب التوفيق الأسري وفق شروط حددها المرسوم، ثم القرار الوزاري رقم 84 لعام 2015 الذي شكل مكتب التوفيق الأسري وحدد القواعد والإجراءات اللازمة بمهام تسوية المنازعات الأسرية، وأيضًا المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 2017 وهو قانون الأسرة الموحد، وأخيرًا القرار الوزاري رقم 96 لسنة 2021 حول تنظيم الوساطة في المسائل الشرعية، هذه أهم التشريعات التي صدرت في السنوات الأخيرة في شأن فض المنازعات الأسرية من وجهة نظري.
ما مدى تأثير تلك التشريعات على المجتمع البحريني؟
عندما تفتح الباب للوسطاء والخبراء في مجال الشرع لحل النزاعات الأسرية ويتم اختيارهم وفق معايير وإدخالهم لدورات تدريبية، يعني أنك فتحت الباب للشراكة المجتمعية، ما سيخفف من النزاعات ويقلل العبء عن كاهل المحاكم الشرعية، فضلًا عن أن تسوية الخلافات تساهم في المحافظة على كيان الأسرة.
كيف تقيم تفاعل المجتمع مع الوساطة الشرعية بعد صدور القرار الوزاري بتنظيمها؟
كأي جديد يحتاج إلى وقت كافٍ كي تترسخ المفاهيم لدى الناس وتقتنع به، لذا يحتاج المجتمع إلى الوقت لكنه الوقت المتزامن مع إشاعة الوعي حول الموضوع، وهنا أريد أن أقارن لكم مرحلة شهدتها شخصيًا حين كنت على رأس الوظيفة كباحث شرعي في وزارة العدل، عندما شُكلت وحدة البحث والتوفيق الأسري، إذ تم ذلك في العام 2001 وظلت تعمل في أضيق نطاق، ثم خرجت للعمل الأمثل عندما صدر المرسوم بقانون رقم 22 لسنة 2015 الذي أوجب اللجوء إلى مكتب التوفيق الأسري لمن يرغب في رفع دعوى شرعية، بعد ذلك تم تفعيل الوحدة وأصبح اسمها مكتب التوفيق الأسري، لذا أعتقد أن الوساطة تحتاج لقرار آخر يلزم رافع الدعوى باللجوء للوساطة قبل خيار المحكمة.
ما الفرق بين التحكيم والوساطة؟
التحكيم هو تعيين من قبل المحكمة إلى مُحكم في موضوع محدد وهو طلب الزوجة التطليق للضرر، ويلتقي بالطرفين منفردين ومجتمعين وله الحق أن يلتقي بأهل الطرفين وعليه أن يستطلع المشكلة وأسبابها وإساءة كل طرف للآخر، ويقدم للطرفين الصلح ابتداء، لكن إذا لم يتم الصلح فالمُحكم ملزم أن يقدم للمحكمة الشرعية تقريرا عن جهده وما بذله في الموضوع، والرأي الذي انتهى إليه، أما الوسيط فيتم اختياره من الأطراف، كما أن حدود الموضوعات التي ضمن اختصاصه تتعدى موضوع الطلاق إلى النفقات، الحضانة، الزيارة، مسكن الزوجية، المهر وغيرها.