+A
A-

تدشين "أعماق الليل" لجابر خمدن

في جمع بهيج من الكتاب والنقاد والمهتمين، تم تدشين رواية الكاتب جابر خمدن "أعماق الليل" الصادرة عن مؤسسة أبجد للنشر والتوزيع والترجمة، العراق. 
في مقر أسرة الأدباء والكتاب في الزنج. 
تحدث د. جعفر الهدي، رئيس لجنة السرد، معرفا بإصدارات الكاتب، وذكر مجمل إسهاماته في الرواية والقصة التي بلغت 8 كتب، بين مجموعة قصصية ورواية. 
ثم تحدث الروائي والكاتب الأستاذ رسول درويش مُقدما للرواية والكاتب، ومما قاله:
نحن عربٌ لأننا نتحدث اللغة العربية، ولأن لغتنا واحدة. ولكننا في ذات الوقت، نقول عن فلانٍ إن لغته العربية عميقة، أو هذه لغة زيد، وتلك لغة عبيد على الرغم من أنهما يتحدثان لغة عربية واحدة. وذلك لوجود إطارين للغة، إطار عام يجمع المتحدثين بها، وإطار خاص يعكس تميَّز أحدٍ ما في ذات اللغة.
فماذا سنقول عن هوية من يتحدث العربية؟ سنقول بالطبع إنه عربي. وماذا سنقول عن العربي إن تحدث العربية، الإنجليزية وحتى الفرنسية؟ سنقول إنه عربي أيضًا؛ لأننا سنحيله إلى اللغة الأم. 
وبماذا سنصف الفرنسي الذي هاجر أبواه الأفريقيان إلى فرنسا قبل أن يولد ويرى النور؟ سنقول إنه فرنسي من أصل أفريقي وإن كان لا يتحدث إلا الفرنسية.


وفي هذه الحالات المتعددة، نحن نحيل اللغة إلى الجماعة، ونضيق الحلقة ونحيل اللغة إلى الفرد. ثم نحيل الهوية إلى اللغة، ثم نحيل ذات الهوية إلى البلد مسقط الرأس، ثم نضيق التعريف ونحيل الهوية إلى الأصول أو الجذور.
ولذلك كله، لا يمكننا الجزم بوجود لغة (العربية مثلًا) ثابتة المعايير. نحن نرى وجود مفردات لغوية تكوِّن معجمًا يتناول الأفرادُ مفرداتِها وفق نظم (ظاهرة) محددة، ولكنَّ (نسق) هذه اللغة يختلف من فردٍ إلى آخر. فنقول هذه لغة قرآنية، وهذه لغة جاهلية وأخرى قرشية وهكذا.
فلو تحدثنا عن لغة جابر خمدن السردية، فكيف نميزها عن أقرانها تلك التي نراها في الساحة الأدبية المحلية؟ سنجدها – من خلال قراءاتي للمنتج البحريني بصورة عامة – سنجدها تميل إلى الآتي:
- عدم الطرح المباشر.. ولذلك أسمى أحد إصداراته رأسًا على عقب، وشخصية سرمد الذي يهوى المشي على يديه.
- الترميز .. ولذلك أسمى إحدى شخصياته (ص)
- التجريب.. أن تكون إحدى شخصياته الراوية جنينًا ما يزال في بطن أمه.
- التكثيف .. وهو ما نلاحظه بشدة في مجموعاته القصصية، وهو ما يفتقده خمدن حين يكتب رواية، وهو الذي انبثق عنه نوفيلا أعماق الليل الواقعة بين الرواية والقصة. 
- العجائبية .. كما وضع مجموعته القصصية على أوتار قيثارة السرد.

- الغرائبية .. وهي التي لا أستغرب أنها ستكون إحدى ثيمات أعماله الأدبية القادمة.
- القفز على الجغرافية أو الأمكنة.. كما في خادمة من مونار وكما في أعماق الليل.
وإذا عُدنا إلى المقدمة من جديد، تلك التي تناولناها للتو، سنلاحظ أن لنا لغة عربية واحدة، وأن لكل كاتب (متميزٍ) لغته الخاصة، وأنه يمكنني أن أقرأ نصوص جابر خمدن حتى ولو لم أقرأ اسمه على منتجه الأدبي، ذلك لأن لغة جابر خمدن تمثل هويته الأدبية التي صاغها عبر قراءاته الكثيرة، وعبر تفكره في معجمه اللغوي وانتقائيته حين ممارسة فعل الكتابة. 
هكذا إذن جاءت رواية أعماق الليل التي نحن اليوم بصدد تدشينها.. أعماق الليل، الصادرة عن مؤسسة أبجد للترجمة والنشر والتوزيع، 
وكعادته في مجال السَّرد قصةً أو روايةً، اتبع خمدن تقنية التجريب في طرحه. فجاءت الشخصية الرئيسة باسم (ص). ووضع خمدن حكاياته المتعاقبة بأسلوب أفقي درامي دون الالتفات كثيرًا إلى المكان لكي لا يشخصنها. تناول خمدن في كل حكاية علاقة (ص) بأبطال الحكايات الآخرى، ومنهم حبيبته سلمى، صديقه هلال، الزميلان سلمان وخالد، الفتاة الهندوسية أنيتا، فيكي المسيحية، الممرضة بيلين، آنا الروسية وغيرهم.
ولرغبة خمدن في الإثارة والتشويق، لم يضع للأحداث مكانًا محددًا، واسترسل في القفز على الخط الزمني كما ذكرنا؛ فتراوحت الأحداث بين الماضي والآني والآتي. وأثمر جهد خمدن عن نص في قالب قصصي طهاه جيدًا فانبثق عنه رواية. إنها رواية من النوع التجريبي، تجبر القارئ على متابعة أحداثها. وسيجد ضالتَه فيها كلُّ مَن يستهويه هذا النوع من السَّرد... فإليكموها. 


كما تداخلت الروائية والكاتبة شيماء الوطني قائلة:

سلمى في أعماق الليل ، هي ليليان أخرى خرجت من ( قصة حب مجوسية ) 
في أعماق الليل ، هي فيسون التي خرجت من ( متحف البراءة ) 
في أعماق الليل كان البطل ص ، في متحف البراءة كان كمال وبقي دون اسم في قصة حب مجوسية . 
في هذه الرواية اقترب جابر خمدن كثيراً من عبدالرحمن منيف وأورهان باموق استعار  أحاسيس بطليهما وأثقل بها قلب بطله ص . 
لكنه ترك لنا مهمة تفكيك أحداثه ومن ثم جمعها من جديد . 
بلغة مختلفة تسبر عمق الكلمة وتستحضر معناها أخذنا جابر في عمق ليل ممتد تتصارع فيه مختلف المشاعر والشهوات . 
ولأن حبره اعتاد أن يُسال في تفاصيل فنتازية  فقد أبى قلمه أن يتركها ولامس تخومها في بعض الفصول . 
بعد أن انهيت أعماق الليل وجدتني أعود من جديد إلى عتباته الأربع ، واتساءل لماذا لم يكتف جابر بعتبة أو عتبتين هل كان يظن أن قارئه لن يفهمه ؟ أم أنه استعان بعتباته ليمهد لقارئه تجربة جديدة لم يعتدها منه . 
جابر خمدن الذي كتب يوماً ( مذكرات خادمة من مونار ) لم يكن جابر الذي كتب أعماق الليل ، استطيع القول أنه تخطى الكثير وعمل الكثير ليصل إلى مرحلة نستطيع اعتبارها مرحلة من النضج الأدبي في كتابة رواية فارقة .
ثم عقب أستاذ كريم رضي، فذكّر بأن الكاتب عرض في اول رواية للأجانب، كما في حال الشغالات وهذا مالم يلتفت له كثير من الكتاب.
اما الدكتور راشد نجم رئيس إدارة اسرة الأدباء والكتاب، فقال: الأسرة تفتح أحضانها لكل منجزات السرد البحريني،وجميل أن نلتقي كل اثنين لتدشين كتاب جديد.