العدد 5049
الخميس 11 أغسطس 2022
banner
قراءة في التسويق الانتخابي
الخميس 11 أغسطس 2022

المتتبع لآراء الجمهور عند قرب الانتخابات النيابية والبلدية يُدركُ أن هناك خطأ فادحاً يقعُ فيه بعض المترشحين بعد فوزهم، ألا وهو ضعف استمرارية تواصلهم مع الناخبين، فتراهم قبل اعتماد الترشيح حاضرين في أغلب المناسبات والفعاليات، ويقومون بزيارات وجولات مكوكية طوال اليوم وبصورة مكثفة ومتواصلة، ويغردون في الشاردة والواردة عبر "تويتر" كل يوم، لكنهم يعودون للاختفاء بعد فوزهم، ومن العسير الوصول لهم بعد ذلك. تجد هاتفه متاحا قبل الانتخابات، يرد على أي اتصال، ويجيب عن أي سؤال، ويبدي المرونة في الأخذ والاستماع، بل وكثيرا ما يسير في طرقات الدائرة التي سيترشح فيها مرة بسيارته ومرات عديدة راجلا مترجلا.
إذا كان النائب يختلق الأعذار بضيق الوقت، وأن أعماله كثيرة تصعب معها متابعة شؤون أبناء دائرته، وما إلى ذلك من الأعذار حينها تيقن أنه يتصنع الحيل والحجج ليبرر الغياب والتقصير. لابد من الإشارة إلى أن عمل النائب والجلسات التي يحضرها نُظمت بصورة دقيقة بحيث لا تتعارض مع الوقت الذي يجب أن يخصصه لأبناء دائرته الذين أوصلوه إلى هذا المكان، وهنا ترتب بطلان الأعذار وذلك الخذلان. غياب الجدية في تحمل المسؤولية أكثر ما نعانيه من بعض النواب الذين نسوا حجم المسؤوليات التي ألقيت على عاتقهم، والتي يعرفونها قطعا قبل أن يرشحوا أنفسهم لهذا المكان.. تلك هي المشكلة التي يجب أن نقف معها وقفة صريحة وجادة، وألا نجامل فيها أحدا، فالمصلحة المرجوة مقدمة على كل شيء.
ولسنا بحاجة إلى القول إن ضرورة التمكن العلمي للمترشح وامتلاكه مهاراتٍ عديدة يحتاجُ إليها لتأديةِ عمله على أكمل وجه تمثلُ ركيزة أساسية لا غنى عنها. من تلك المهارات على سبيل المثال مهارة التواصل الفاعلة مع أصحاب القرار، ومهارة إدارة الحوار الناجح، وأسلوب المناقشة الصحيحة، وتقبل وجهات نظر الآخرين، وضبط النفس عند الاختلاف، ومهارة التواصل الجماهيري، والقدرة على تحمل ضغوط العمل المختلفة، وما لم يتصف بجميع تلك الصفات، فإن من الأرجح ألا يتمكن من الوصول إلى الغاية المطلوبة من عمله.
إذا، القصة ليست أن شخصا أراد الترشح ظاناً في معرفة بعض الناس له ضمن دائرته، أو لظهوره المتكرر في وسائل التواصل الاجتماعي على سبيل المثال؛ بل أبعد من ذلك وأعمق. فالأمر يتعلق بالقدرة الحقيقية على تحمل المسؤولية العظيمة التي رشّح نفسه لها، والقيام بالواجبات المنوطة وتبعات التقصير على العباد والمجتمع، والاتصاف بالصفات الشخصية والمهارات التي لا يمكن التنازل عنها في من تقلد هذه المهمة. 
وجب القول ختاماً: لابد من التروي في اختيار المناسب وقراءة طرق التسويق الانتخابية التي يتبعها المترشحون بعناية لأنها قد تُبدي لنا ما يحاولونَ إخفاءه عنا. ودمتم بخير.

 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية