+A
A-

اقتصاديون لـ”البلاد”: الأولوية الآن لكبح جماح الدين العام وتقليل كلفة الديون

أكد اقتصاديون لـ “البلاد الاقتصادي” أن تحقيق مملكة البحرين خلال النصف الأول فائضًا ماليًا في ميزانيتها بـ 87.5 مليون دولار سيكون له انعكاس إيجابي على تصنيفها الائتماني، داعين إلى استخدام الفوائض من أجل القضاء على العجز في الميزانية وتحقيق التوازن في المصروفات، مشيرين إلى أهمية الحفاظ على مستوى مخزون العملة الصعبة من أجل الحفاظ على الدينار البحريني.
وعبّر الرئيس التنفيذي لجمعية مصارف البحرين وحيد القاسم عن تفاؤل مؤسسات القطاع المصرفي بالنتائج الإيجابية التي سجلتها الميزانية العامة للدولة وتحقيق وفر مالي بلغ 33 مليون دينار خلال النصف الأول من العام الجاري، بعدما زادت الإيرادات بنسبة 52 % على أساس سنوي، مشيرًا إلى أن القطاع يترقب انعكاس هذه النتائج إيجابًا على التصنيف الائتماني للمملكة، والمؤسسات المالية والمصرفية العاملة في القطاع. ونوه القاسم بأهمية استخدام الجزء الأكبر من الإيرادات من أجل القضاء على العجز في الميزانية وبالتالي تقليل الحاجة للاقتراض، وكذلك لسداد سندات دولية بقيمة 565 مليون دينار خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، مشيرا إلى أن الأولوية الآن هي كبح جماح الدين العام، وتقليل كلفة الديون، والحصول على مرونة أكبر في نسبة الفائدة عليها.
وقال “في الواقع مازلنا بعيدين عن إطفاء الدين العام تماما، لكننا في الطريق الصحيح نحو السيطرة عليه وإبقائه عند مستويات آمنة، خصوصا مع الالتزام بالسياسات الحصيفة لترشيد الإنفاق الحكومي من جهة والمصاريف المتكررة من جهة، وضخ الأموال في عصب الاقتصاد ومشروعات البنية التحتية الكبرى من جهة أخرى، مضافاً إليه طبعاً جهود تنويع مصادر الدخل والاقتصاد الوطني”.
وأشار على صعيد ذي صلة إلى أهمية الترويج لهذه النتائج في جذب المزيد من الاستثمارات النوعية للبحرين، خصوصاً في ظل التطورات الجيوساسية حول العالم، وسعي مختلف أنواع المؤسسات بما فيها المؤسسات المالية ورجال الأعمال للبحث عن وجهات وأسواق جديدة آمنة ومستقرة وذات قابلية للنمو.
وأكد القاسم أن هذه النتائج تدل على نجاعة الخطط الوطنية ذات الصلة بالتعافي الاقتصادي، والإستراتيجيات الخمسة التي انبثقت عنها، بما فيها إستراتيجية تطوير قطاع الخدمات المالية 2022 - 2026، وتساعد على تحقيق الأهداف الطموحة لهذه الإستراتيجيات، وبما ينعكس إيجاباً على مستويات التنمية والرخاء والازدهار في البحرين.
بدوره، أكد الباحث الاقتصادي والمحاضر المصرفي عارف خليفة أن تحقيق التوازن في المصروفات ممكن بالحفاظ على الموازنة المرصودة للمصاريف التشغيلية دون خرق سقفها لأي سبب من الأسباب، خصوصا الخروقات التي تحدث جلها بسبب المخالفات المالية والإدارية والتي نراها في تقرير الرقابة المالية كل عام.
وأشار إلى أهمية طرح المشاريع التطويرية الرئيسة والتي من الممكن أن تخفض بعض المصاريف المتحركة، إذ يساعد مواصلة العمل بها على تخفيض الكثير من المصاريف الثابتة والمتحركة، كما يجب أن يكون هنالك استخدام أمثل للفوائض، إذ يجب أن يوجه لتخفيض الدين العام ودفع دفعات مقدمة من القروض والتي تحوي الكثير من الفوائد، إضافة إلى أهمية الحفاظ على مستوى مخزون العملة الصعبة من أجل الحفاظ على الدينار البحريني، مؤكدًا أنه “متى ما تقيدنا بالخطة الاستراتيجية أعتقد أننا لن نقع في العجز وتردداته”.
وأوضح خليفة أن من المهم جدا تخفيض الدين العام إلى ما نسبته 40 % من الدخل القومي، وهو الرقم الطبيعي لأي مستوى للدين العام والذي يمكننا أن نتحرك أكثر لزيادة مستوى الدخل القومي من سلع وخدمات بحيث يكون مستوى الدخل القومي أقوى وأرفع من مستوى الدين العام، موضحًا أننا بحاجة لاستخدام الفوائض لاستحداث مشاريع عملاقة تساهم في رفع معدلات الدخل القومي، مثلا التوسع أكثر في “ألبا” أو استحداث شركات على غرار الشركات الصناعية الكبيرة، ومشاريع فعلا قادرة على خلق وظائف حقيقية للمواطنين وذات صبغة ربحية كبيرة بحيث تأثر فعلًا على ميزان المدفوعات بالإيجاب من خلال زيادة الصادرات، داعيًا في الوقت ذاته إلى تأجيل بعض المشاريع في الوقت الجاري خصوصا المنسوخة والتي لا يمكن أن تنافس الدول المجاورة.
يذكر أن مملكة البحرين خلال النصف الأول من العام الجاري سجلت أول فائض مالي في ميزانيتها منذ نحو 14 عامًا، إذ بلغ 87.5 مليون دولار، وكان آخر فائض مالي سنوي حققته المملكة قبل الأزمة المالية العالمية وانهيار أسعار النفط في العام 2008. وعزت وزارة المالية والاقتصاد الوطني الفائض المحقق إلى الالتزام ببرنامج التوازن المالي وارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية، ما أدّى لارتفاع الإيرادات النفطية للمملكة 50 %، وانعكس زيادةً بإجمالي الإيرادات بنسبة 52 % مقارنة بالنصف الأول من 2021، لتصل إلى 4.5 مليار دولار.