العدد 5071
الجمعة 02 سبتمبر 2022
banner
الإيجابية والتطبيق السلبي
الجمعة 02 سبتمبر 2022

من قال إن علينا أن نكون إيجابيين على الدوام، وإنه لا يجدر بنا أن نفكر بطريقة سلبية البتة، ثم ما معنى أن تكون إيجابيا أصلا، هل يعني ذلك أن تضحك دوما كالمغفلين، وأن تتقبل السيئ من الأحداث أيا كانت؟ أن تعطي ردود أفعال سخيفة لا تتناسب مع الأحداث السيئة والمواقف المحبطة والمؤلمة، أو أن لا تعطي ردة فعل بتاتاً لأنك شخص تتمتع بالإيجابية؟
الإيجابية هي أن تكون لديك ردة فعل منطقية لكل فعل يقوم به الآخرون، وألا تكون سلبياً تجاه المواقف والأفعال، ولا يعني التفكير الإيجابي أن تتجاهل مواقف الحياة المزعجة، بل المقصود بالتفكير الإيجابي أن تتعامل مع المواقف المزعجة بطريقة أكثر إيجابية وإنتاجية، وأن تعتقد أن الأفضل سيحدث وليس الأسوأ.
يبدأ التفكير الإيجابي دائمًا بالحديث مع النفس، ذلك التدفق اللانهائي للأفكار الخفية التي تجري في رأسك، قد تكون تلك الأفكار التلقائية إيجابية أو سلبية، ويكون بعض حديثك مع النفس نتاجاً للعقل والمنطق، وقد يأتي حديثٌ آخر إلى النفس نتيجة مفاهيم خاطئة تشكلت لديك بسبب نقص المعلومات، أو توقعات ناتجة عن أفكارك المسبقة عما قد يحدث. إذا كانت معظم الأفكار التي تدور في رأسك سلبية، فسوف تكون نظرتك للحياة متشائمة على الأرجح، أما إذا كانت معظم الأفكار التي تدور في رأسك إيجابية، فإنك على الأرجح شخص متفائل، أي انك شخص يمارس التفكير الإيجابي.
ليست الإيجابية أن ترى فقط الأمور الجميلة في هذه الحياة؛ فليس من المنطق أن نغض الطرف عما هو قبيح فيها. هذه الحياة تأتي لنا بأيام مرة كما تأتينا بأيام حلوة، وما يتوجب علينا هو أن نتقبل مرها ونتعايش مع القلاقل التي تصاحبها، بدل أن نزيد من مرارتها ونضخم لدينا الشعور بالتعاسة والشقاء. 
إن تغيير زاوية النظر للأمور المزعجة التي تطرأ على حياتنا يبدل مسارها ويأخذنا لطرق أسهل وينتهي بنا لواحات من السعادة والهناء مهما اعترتنا من خطوب. الإيجابية هي أن ترى الجانب السلبي للأشياء كما ترى الجزء الملآن من الكأس.. أن تستفيد من المواقف المزعجة التي جلبت لك الضيق والحرج، فتعمل على عدم تكرار مسبباتها وتعمل جاهدا على تفاديها في المستقبل.. الإيجابية هي استيعاب الألم وتطويعه وتحويله لأمل نبعثه في أرواحنا وذواتنا لنتمكن من المضي في هذه الحياة القاسية. 
الإيجابية باختصار هي التكيف مع المصاعب والرضا والتسليم بالقدر خيره وشره، وبأن كل ما يجري علينا هو بعين الله، إن كان خيراً حمدناه عليه وإن كان شراً رضينا به وقبلناه وصبرنا على الابتلاء الذي يعقبه الثواب الجزيل من الله عز وجل.

 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية