+A
A-

حرب الطاقة والغاز.. أوروبا تبحث عن "خطة ب" وتحذير من "كارثة البدائل"

فاقمت الحرب الروسية الأوكرانية أزمة الطاقة العالمية، قبل أن تقطع روسيا إمدادات الغاز الطبيعي عن أوروبا، ما يدفع بعض الدول للبحث عن "بدائل لسد الفجوة في إمدادات الطاقة"، وهو ما يؤكد خبراء أنه قد "يتسبب في مشكلة عالمية أكبر" تتعلق بإبطاء جهود مكافحة التغير المناخي.

وأعلنت شركة جازبروم الروسية، الجمعة، أن خط الأنابيب "نورد ستريم 1"، الذي يوصل الغاز الروسي إلى ألمانيا، سيخضع لمزيد من أعمال الصيانة، معلقة توريد الغاز إلى قارة أوروبا دون تحديد موعد محدد لاستئناف عمليات التوريد.

أزمة طاقة مرتقبة

بعد تعليق روسيا تدفقات الغاز الطبيعي لأوروبا إلى أجل غير مسمى، تصاعدت المخاوف من "نشوب أزمة طاقة محتملة" في القارة العجوز، وفقا لصحيفة "الغارديان".

وتستفيد روسيا من ضعف أوروبا في مسألة الغاز الطبيعي، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الوقود إلى مستويات عالية للغاية في جميع أنحاء القارة وخلق مخاوف من مصاعب واسعة النطاق هذا الشتاء، وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز".

ومن المرجح أن يؤدي الإغلاق لتجديد الاضطرابات في أسواق الغاز الأوروبية، وحذر الخبراء من النقص الحاد في الطاقة في فصل الشتاء بأوروبا والذي قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الكهرباء، وفقا لصحيفة "التايمز" البريطانية.

بدائل قد تخلق "أزمة عالمية"

في مقابل ذلك، يمكن لبعض الدول الأوروبية أن تسعى لسد الفجوة في إمدادات الطاقة عبر "الخطة ب" من خلال اللجوء لواردات الكهرباء عبر الموصلات من جاراتها أو من خلال تعزيز القدرة على توليد الكهرباء من الطاقة النووية أو الطاقة المتجددة أو الطاقة الكهرومائية أو الفحم، وفقا لـ"رويترز".

ويري مستشار المركز العربي للدراسات والباحث في الاقتصاد السياسي والعلاقات الدولية، أبوبكر الديب، أن "روسيا لم تترك لأوروبا خيارات سوى البحث عن المصادر التقليدية كبديل للغاز الروسي".

وفي حديثه لموقع "الحرة"، تحدث عن إمكانية استخدام دول أوروبية "الفحم والخشب والعودة لتشغيل المحطات النووية للنجاة من البرد القارس في الشتاء المقبل".

وتسابق أوروبا الزمن لتعويض الغاز الروسي من دول أخرى ولكن ذلك أمر صعب ان لم يكن مستحيلا فكل مصادر الغاز الأخرى بعيدة ومكلفة وتحتاج إلى بنية تحتية بمليارات اليوروهات كمحطات الإسالة والأنابيب، وفقا لحديث الديب.

ويشير إلى أن "الحل الأقرب هو العودة لاستخدام المحطات النووية والفحم"، واصفا ذلك بـ"خطر كامن يضرب جهود مكافحة التغيير المناخي ويعمل على زيادة التلوث البيئي بشكل كبير وسريع وغير مسبوق".

خطر غير مسبوق

في صيف 2022، شهد النصف الشمالي من الكرة الأرضية من أقصاه إلى أقصاه كوارث طبيعية بينها فيضانات قاتلة في باكستان وجفاف تاريخي وموجات حر في الصين وأوروبا وأمطار غزيرة في الولايات المتحدة، شكلت على نحو لم يسبق له مثيل ترجمة لمسها ملايين البشر لواقع الاحترار المناخي، وفقا لـ"فرانس برس".

ولذلك يشير الديب إلى "تداعيات فعلية للتغيير المناخي من ارتفاع درجات الحرارة وجفاف الأنهار وذوبان الجليد وحرائق الغابات وفيضانات لا ترحم".

ويحذر الديب من تداعيات مستقبلية للاحترار المناخي قد تؤدي لاختفاء "مدن وبلاد من خريطة العالم ما يهدد حياة ملايين الأشخاص وكذلك الحيوانات".

ويتفق مع الطرح السابق، الخبير البيئي، ضومط كامل، الذي يتحدث عن "خطر غير مسبوق على البيئة العالمية"، بسبب سعي دول أوروبية لاستخدام "الفحم الحجري والمشتقات النفطية" لتغطية احتياجاتها من الطاقة.

وفي حديثه لموقع "الحرة"، يشير إلى أن إعادة تشغيل المفاعلات النووية في أوروبا دون التأكد من درجة سلامة "التشغيل الآمن، قد يتسبب في كارثة مناخية كبرى".

ويتراجع حجم المتاح من الطاقة النووية في بلجيكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا مع تعرض المحطات في هذه الدول لانقطاعات مع تقادمها أو وقف تشغيلها أو خروجها من الخدمة، وفقا لـ"رويترز".

ولتجنب تلك السيناريوهات الكارثة على الدول الأوروبية السعي لسد حاجاتها من الطاقة عبر "توفير كميات من الغاز الطبيعي من مصادر أخرى مثل الولايات المتحدة ودول شرق المتوسط"، وفقا لحديث ضومط كامل.

وتستطيع الولايات المتحدة، توريد 15 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال إلى الاتحاد الأوروبي هذا العام، وفقا لـ"رويترز".

لكن مصانع الغاز الطبيعي المسال الأميركية تنتج بكامل طاقتها، وسيؤدي انفجار وقع في محطة تصدير الغاز الطبيعي المسال الرئيسية في تكساس إلى بقائها معطلة حتى أواخر نوفمبر.

معضلة بلا حل

تمثل أزمة الطاقة الحالية تحدي جديد لجهود مكافحة وإبطاء "التغيرات المناخية حول العالم"، وفقا لتحليل لصحيفة "فاينينشال تايمز".

ولذلك يشير كامل إلى "عدم وجود حلول سريعة وعاجلة لمعضلة توفير الطاقة والحفاظ على البيئة"، مؤكدا أن الوضع البيئي في العالم قد "تغير تماما" بعد الحرب الروسية الأوكرانية.

ويشير الديب إلى تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية التي تسبب في "أزمة غذاء عالمية، وإدخال الملايين من البشر في خطر المجاعة".

وأصبحت "الطاقة" مؤخرا سلاحا جديدا في الحرب، ما يدفع الدول إلى "اللجوء لوسائل بدائية لتوفير بدائل حتى لو تسبب ذلك في تدمير الأرض وتعريض سكانه للخطر"، وفقا لحديث الديب.