ابتسامة لا يطفئها التعب، والأمل في قلبه يزداد ويتجدد بالطموح والمحبة والعطاء الذي لا يعترف بالمسافات البعيدة، ولا الفوارق الوقتية، غير آبه بالأخطار أو الأضرار.
بهذه المقدمة الجميلة والموجزة، كانت بداية الحديث واللقاء مع الأمين العام للمؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية الدكتور مصطفى السيد صبيحة يوم الاثنين الماضي، بإحدى قاعات سينما مجمع السيف، والتي اكتظت بحضور توافد باكراً لمشاهدة لقائه الوثائقي المهم عن مسيرة عطائه، أعد بإتقان تحت مظلة مبادرة “حكاية المنامة”. 
وبعيداً عن سيرة السيد الثقيلة بالإنجازات العلمية، أو الجوائز والأوسمة والاستحقاقات، فما يهمني هنا هو الحديث عن الطفل اليتيم، القادم من دهاليز (الحورة) العريقة، وكيف استطاع أن يترأس أهم الشركات الوطنية ويدير عجلتها ويطورها بتفوق استثنائي، كبابكو والبتروكيماويات والكهرباء. والبداية الحقيقية للسيد، كانت في البيت البسيط والسعيد، ومقدرة الأم العظيمة التي فقدت زوجها بحادث مؤسف وأولادها لا يزالون أطفالاً، أن تصقل أولادها، وتصنع منهم رجالاً بشكل مبكر، يعتمدون على أنفسهم، ويعون صعوبات الحياة، وتحدياتها، وشقاءها.
وفي اللقاء الذي استمتع الجميع بمتابعته، لم يخجل السيد من ذكر مصروفه المتواضع جداً، والذي كان يستلمه من والدته لكي ينفق على نفسه، سواء وهو يعمل، أو يدرس، ولم يخجل من أن يشير لبنطاله البالي الممزق وهو طفل صغير، وكان فخوراً، وهو يتحدث بحنين جارف، عن الدور الكبير الذي عانته الأم رحمها الله في تربية أولادها، وكيف أنها وظفت جل شبابها وحياتها لأجلهم، حتى أصبحوا ما هم عليه الآن من مكانة بين الناس. هذا الجو الحاضن، والوفاء، علم السيد المسؤولية الكبرى منذ نعومة أظفاره، وكذلك الجدية، وترتيب الأفكار والأوراق، ثم الانطلاق بخطط عمل مستمرة في أي شيء، وكل شيء.
وتوالت قصص النجاح تباعاً، والتي شابها التطوير الكبير لكل محطة عمل يكون بها، حتى أصبح أخيرا أميناً عاماً للمؤسسة الخيرية الملكية، بعنوان “أن يصبح اليتيم مسؤولاً عن الأيتام”.
مصطفى المبتسم دائماً، هو ابن البحرين الوفي، الذي يوجد المحبة أينما كان وذهب وجاء، بدرس حياة رائع، يقول إن تدرجات الحياة، ومناصبها، وأضواءها لم تنسه من هو، وأن ابن (الحورة) لا يزال على عاداته القديمة، والجميلة، حتى لحظة كتابة هذه السطور.