العدد 5085
الجمعة 16 سبتمبر 2022
banner
الحق القانوني لحماية شكل الوجه “الإيمج”
الجمعة 16 سبتمبر 2022

بموجب القانون والاتفاقيات الدولية يجوز حماية العلامات التجارية والصناعية والتأليف وغيرها مما يتعلق بالإنتاج العقلي والملكية الفكرية. فهل ينتقل الحق القانوني ليقدم الحماية لصورة الشخص (صورة الوجه  الشكل الايمج بروفايل)؟ لأن موضوع حماية صورة الشخص (الوجه) قفز للسطح بسبب المشاهير من كبار الشخصيات الفنية والتمثيل ولاعبي كرة القدم لرغبتهم في دخل إضافي من نشاطات متعددة مثل رعاية المناسبات والحضور فيها، والسماح بوضع صورهم الشخصية (صورة الوجه) في الملابس والإعلانات والملصقات الدعائية. وهذه النشاطات بالطبع ذات قيمة تجارية لأنها تجلب دخلا إضافيا، وفي نفس الوقت تعمل على ترويج المناسبات والمنتجات لدرجة كبيرة لإقبال المعجبين على الشراء. ويمكن القول بوجود فراغ قانوني لحماية هذه الحقوق الناشئة من صورة الوجه (الايمج بروفايل) بالإضافة لما يميز هذه الصورة من صفات خاصة بالشخص ولغة الجسد التي تنطق بها الصورة. إن مبدأ حق الملكية بالنسبة للصورة وشكل الشخصية يعتبر أمرا حديثا، وكابتن كرة القدم الإنجليزي “كيفين كيقان” أول من قام بتوقيع ما يسمى “عقد صورة الوجه”، وذلك بغرض حفظ حقوق الملكية المرتبطة بشكله وصورة وجهه والتعابير الخاصة به. وهناك صورة “نمطية” خاصة بأشخاص معينين، مثل طريقة قص شارب هتلر التي تميزه ولذا لا يستطيع شخص الآن في ألمانيا تقليد هذا الشارب وإلا يعتبر من مروجي النازية. وأيضا صورة وجه تشرشل وعلى رأسه القبعة وفي فمه السيجار، أو وجه غاندي الأصلع وعلى عينيه النظارة الدائرية، أو قصة شعر زعيم كوريا الشمالية. وعندما ترى ملامح شخص بهذه الصفات مباشرة يطرأ على خاطرك صاحب الوجه الأصلي. وهذه الصفات والتعابير والابتسامات أو العبوس وغيرها من لغة الجسد وصلت لدرجة تجعلك تميز بها أشخاصا معينين معروفين للجميع. ومن هنا يأتي هذا الحق كـ “حق خاص” يجب حمايته للاستغلال التجاري والمنفعة المادية، وهناك من يسعى للاستفادة من هذا “الحق” مثله مثل غيره من الحقوق الأخرى.
في أميركا، صدرت أحكام تؤيد حماية ما يسمى “حقوق الشهرة” للفرد. ولكن هذا الوضع يختلف من ولاية لأخرى، ولا يوجد تطبيق فيدرالي في أميركا. والآن، نحن في عصر المناداة بحفظ الحقوق كافة وتطبيق القوانين في هذا المجال لردع المتجاوزين. ومن الأمثلة، تم رفع دعوى قضائية ضد “رود ستيورات” لوضعه صورة تخصه قام بتصويرها مصور ولكنه وضعها مكان صورة مشابهة قام بتصويرها مصور آخر. والممثل “فرانك سيفيرو” رفع دعوى ضد منتجي فلم “سمبسونز” مدعيا أنهم قاموا بسرقة “شخصيته وصورته” وتقمص تمثيلها في شخصية “لوي”. وكذلك قام “ليندسي لووهان” و “مانويل نوريقا” برفع دعاوى تتضمن سرقة شخصياتهم وصور وجوههم في بعض ألعاب الفيديو. وهناك دعاوى في انجلترا وغيرها، ويتم النظر في كل دعوى وفقا للوقائع ومدى انطباقها من ناحية المسؤولية التقصيرية وحماية الحقوق الخاصة. وبالرغم من اللجوء للتقاضي، لكننا نستطيع القول إنه لا يوجد حتى الآن تصور قانوني متكامل وواضح لكيفية التعامل مع هذا النوع من الحقوق “الجديدة” في عالم الحقوق الخاصة. 
والمعضلة تنجم من أن استخدام أو اختراق هذه الحقوق يتم غالبا عبر وسائل التقنية الحديثة، وهذا بدوره قاد إلى خلق أوضاع حديثة جديدة لا يمكن تغطيتها بصورة واضحة استنادا إلى القوانين التقليدية المنظمة للحقوق وللملكية الفكرية المرتبطة بها. فحقوق المؤلف، مثلا، تحمي من قام بالتأليف، والعلامات التجارية تحفظ الأسماء والمنتجات التجارية لأصحابها. وبالمقارنة مع هذا، لا نجد وسائل معينة لضبط الحقوق المرتبطة بحق “صورة  الشكل أو الايمج بروفايل” وما يرتبط بها من صفات خاصة بغرض معاقبة من يستغلها لمصلحته الذاتية. وظلت هذه القتامة مستمرة حتى 2012 حيث قامت “قرونسي”، إحدى جزر الجنال آيلندس الانجليزية، بإصدار قانون بتسجيل حقوق حماية “صورة الشخص – الايمج بروفايل” وكل ما يرتبط بها. وبموجب هذا القانون يجوز الآن تسجيل هذه الحقوق، وقام العديد ممن يدعون هذه الحقوق بالتسجيل لفرض الحماية القانونية اللازمة. وهذه خطوة جريئة تحسب لجزيرة “قرونسي”. وفي جميع الأحوال، هناك حاجة لبعض الوقت لانتهاج الطرق السليمة التي توضح كنه وأبعاد هذه الحقوق وحمايتها وإجراءات تسجيلها وما يترتب عليها من حقوق ملكية لا يجوز التعدي عليها حماية للخصوصية والملكية الشخصية وما يرتبط بها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .