العدد 5088
الإثنين 19 سبتمبر 2022
banner
خسران المدن القديمة.. مدينة عيسى أنموذجًا
الإثنين 19 سبتمبر 2022

تمتلك المدن القديمة في البحرين الكثير من مقومات الحياة الكريمة من خدمات ومرافق، حيث تتوفر فيها المدارس لكل الفئات العمرية، والمساجد، ورياض الأطفال، والمراكز الصحية، والمحلات التجارية، لكن المشكلة اليوم تكمن في الهجرة من هذه المدن القديمة لمناطق حديثة ليست بها خدمات، ما ترتبت عليه الحاجة للانتقال بين المناطق للوصول لهذه الخدمات في المدن القديمة، ما فاقم أزمة الاختناقات المرورية مع افتتاح المدارس.
وكخطوة أولى: يجب النظر في توظيف أدوات البحث العلمي - مثل دراسات علم الاجتماع - لإيجاد السبل الكفيلة بكبح جماح هجرة المواطنين من هذه المدن القديمة، بدلاً من العمالة الوافدة من العزاب وغيرهم الذين تتضاعف أعدادهم يوماً بعد يوم على حساب المواطنين، فالمواطن هو ثروة الوطن وهو هدف التنمية المستدامة، وإن إهمال ظاهرة انتشار العمالة الوافدة من العزاب في المدن القديمة مثل مدينة عيسى التي أنفق عليها بسخاء من الدولة – ولا يزال الإنفاق مستمرًا - يعد هدرًا كبيرًا للموارد، أضف إلى ذلك العديد من السلبيات الأخرى الناتجة عن بعد الخدمات عن مساكن المواطنين، ما ينشأ عنه اضطرار لإنفاق مبالغ كبيرة على الوقود، وصيانة السيارات، وتغييرها بعد فترات زمنية قليلة، بفعل استهلاك العمر الافتراضي لها جراء ذلك، ما يوقعهم تحت ضغوط مالية كبيرة تهدد استقرارهم المالي، إضافة إلى زحام أكبر ناتج عن ذلك على شبكة الطرق المزدحمة أصلًا، لاسيما مع فتح مختلف أنواع التأشيرات للعمالة الوافدة والزوار، وإنشاء الكثير من خدمات التوصيل التي تحتاج إلى الاستخدام الكثيف لشبكة الطرق، ما يمثل عقبة أمام الاقتصاد والتنمية وعجلة التطوير، ولا ننسى التلوث الذي ينتج عن كل ذلك، وتبعاته الصحية التي ستستنزف موازنة الدولة أيضا في القطاع الصحي.
لا يمكننا اليوم الوقوف مكتوفي الأيدي جراء مصادرة الوافدين هذه المدن المجهزة بكل هذه الخدمات، نتيجة إهمال وضعها القائم، فالواجب عمل كل ما يلزم لاستقطاب وإرجاع المواطنين للسكن فيها، وجعلها واحة صحية آمنة لأبناء الوطن، كما كانت عند بدايتها الأولى، فمن المحزن أن نخسر هذه المدن بالتنازل عن كل هذه الاستثمارات العظيمة التي بذلت للموطنين.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .