العدد 5112
الخميس 13 أكتوبر 2022
banner
ازدواجية السياسة الأميركية
الخميس 13 أكتوبر 2022

تعتبر الازدواجية السياسية في اتخاذ المواقف والقرارات من سمة السياسة الأميركية، وكذلك الدول الغربية، وهي سياسة تكرس مبدأ الكيل بمكيالين وبما يتوافق مع هذه الدول، ولا تخشى الإدارة الأميركية من هذا المسار ولا تهتم بانتقادات الدول من غربية وشرقية لها، فهي تعتقد أنها على حق دائمًا ما دام ذلك يُحقق مصلحتها بالسيطرة على مقدرات الآخرين، ومهما كان الثمن في ذلك بإيذاء الدول واضطهاد شعوبها.
ورفضت الإدارة الأميركية مؤخرًا قرار روسيا بضم أربع مقاطعات أوكرانية كونه لا يتفق مع القانون الدولي الذي يدعو لعدم الاعتداء على دول الغير، وضم أراضيها بالقوة، والقرار الأميركي لا يتعامل مع جوهر القضية الأساسية بل استقراءً للمصالح الأميركية في تلك المناطق التي ترى أن من مصلحتها أن تبقى تلك المقاطعات تحت سيطرتها وهيمنتها حتى لو تمت تجزئتها أو تدميرها كما حدث في العراق وأفغانستان والاستمرار بالتلاعب بعملية السلام المتعلقة بفلسطين وباقي الأراضي العربية التي مازالت تشهد الحروب والاضطرابات السياسية.
والتحرك الأميركي غربًا وشرقًا يوهم العالم بنزاهة القرارات الأميركية وانحيازها للسلم والأمن العالمي، ومحاربة الإرهاب، إلا أن الإدارات الأميركية المتعاقبة قامت وتقوم بممارسات مناقضة من خلال نشر الإرهاب وتدريب الإرهابيين لإضعاف الدول وتمزيقها، وتدخلها الدائم بحجة حماية المدنيين ونشر مبادئ حقوق الإنسان، وذلك تحت “حجة واهية” ــ وهي ــ أن ما يحدث في دول العالم يؤثر بشكل خطير على الأمن الأميركي. ويقابل هذا الرفض الأميركي اعتراف الإدارة الأميركية السابقة بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان السورية في 25 مارس 2019م والتي ضمها في 1981م بعد احتلالها في 1967م. وذلك بحجة أن “هضبة الجولان لها أهمية حيوية لدولة إسرائيل والاستقرار الإقليمي”؛ وأن “أمن إسرائيل له الأولوية على ما عداه من اعتبارات مهما كان شأنها”؛ وهو موقف لا يتفق مع قوانين العلاقات الدولية وأعرافها والمواثيق والمعاهدات والقرارات الأممية التي تدعو لعدم جواز ضم الأراضي بالقوة، فكيف رفضت أميركا القرار الروسي وتقبلت القرار الإسرائيلي؟ تلك هي سياسة الكيل بمكيالين أو ازدواجية المعايير التي تتبعها الإدارة الأميركية لتحقيق أطماعها الدولية.
إن الازدواجية السياسية تعتمد على انتقائية المواقف والقضايا، وهي لا تتوافق مع الخط الإنساني العام، بل تتوافق مع مصالح الدول الكبرى ورغبتها بالهيمنة والتفرد بالقرار.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية