العدد 5117
الثلاثاء 18 أكتوبر 2022
banner
الأدب والعنصرية
الثلاثاء 18 أكتوبر 2022

لم ينبثق الأدب من سد البلاغة على حين غرة، وما ولد الأدباء والشعراء توا، وما ولد الرجال شعراء بالوراثة، وما حرَم اللهُ النساء هذه الهبة عند الولادة، ففُطمت في أول أنفاسها عن حليب الشعر والأدب، فمن ذا الذي نحّاها عن ساحة الإبداع ولسانها ينطق ببليغ الكلمة، ومن ذلك الذي غيبها وطمس إنتاجها منذ القدم كي لا يطلع على مكنون قلبها وعقلها بشر؟!
لا يصنف الأدب على أساس الجنس، فالتصنيف الجنسي لا ينسجم وطبيعة الأدب نفسه؛ فالنتاج الأدبي يأتي الحكم عليه فيما يقدمه لا في اعتبار القلم نسويا أم رجاليا، وذلك يحمل في خباياه احتقارا واضحا لأدب المرأة وما تقدمه من نتاج إبداعي فاعل.. هذه النظرة الدونية للمرأة التي أزجت بأدبها في الأدب المهمش المتغاضى عنه، هي نظرة تحكمها عوامل واقعية وأعراف اجتماعية منذ وُجد الأدب وخُلق الأدباء والأديبات، وإلا فما تفسير غياب النتاج النسائي “مع ما للمفردة من استهجان” وظهور النوابغ من الأدباء والشعراء الذين يتغنى العالمين بما قالوا وما كتبوا من الأولين والآخرين؟ ولا ما من داعٍ للبحث عمن غيّب إنتاج الأديبات والشواعر وحجّم دور المرأة في مجالات الإبداع الكتابي كافة، إذ اشترك الشعراء والأدباء الذكور والمجتمع برمته وكذلك مجتمع النساء في تقزيم أعمال المرأة الأدبية وشطب دورها في صناعة الأدب على مر العصور. والسؤال الذي يطرح هنا هو هل يحق لهؤلاء تنحية المرأة الشاعرة والأديبة عن ركب الحضارة الأدبية، وما الدوافع التي تدفعهم لارتكاب ذلك الفعل يا ترى؟ بعض الدوافع المجتمعية التي ترى في ظهور المرأة عارا وإبداء مشاعرها جالبا للخزي يئِدون نتاجها قبل أن يولد، ويمنعونه من النشر دون أسباب مقنعة.
إن الرجل والمرأة معاً يتحملان مسؤولية إبداعهما، ولا وجود لأقلام ذكورية الحبر أو أنثوية الشعور؛ فكلاهما مسؤول مسؤولية حقيقية عن بعث ثقافي أدبي منتظر؛ لذا وجب الإيمان بأنه ليس هناك حبرا معطرا وآخر غير ذلك، وليس للخصوصية الجنسية الخَلقية أية آثار على إنتاج الثقافة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية