في السنوات الأخيرة برزت أمامنا ظاهرة وإن كانت موجودة إلا أنها ازدادت وكثرت وظهرت على السطح بشكل واضح ومخيف، وأصبحت وأمست الكثير من الأسر البحرينية تعاني منها، وتنحصر في ضعف العلاقات الأسرية والتفكك الاجتماعي الذي يعد من أخطر القضايا الاجتماعية التي نواجهها في وقتنا هذا.
تلك الظاهرة دون شك موجودة بكثرة في كل المجتمعات في العالم وبدرجات متفاوتة، لكن في البحرين وكوننا عشنا منذ القدم متكاتفين ومتراحمين ومتلاحمين كأسرة فوق أرض صغيرة المساحة جغرافيا، يفترض أن لا تكون بهذا الحجم الذي نشهده اليوم، حيث نرصد أفرادا من الأسرة الواحدة القاطنين في البيت الواحد إن لم يكن جميعهم “كل واحد لاهي عن الثاني ولا أحد يدري بأحد حي أو ميت”، والكل مشغول، همه الأول والأخير الاهتمام بنفسه، وبذلك اختفى بل انعدم التواصل فيما بينهم إلا فيما ندر ووقت الحاجة فقط وعن طريق الهاتف، حتى إن كانت غرفة “ذي يم ذي”، لا اجتماع على “ويبة غدا ولا على ويبة عشاء”، مع ذلك حتى في المناسبات المختلفة لا يلتقون على الإطلاق، ووصلت الأمور كما نسمع بأن الكثير من أفراد الأسرة الواحدة لا يحضرون حتى في حالة وفاة أحدهم “لا إله إلا الله شنهو ذي!”، وبتلك القسوة والأفعال والتصرفات والسلوكيات الدخيلة تدهورت بل احترقت العلاقات العائلية الحميمة، وأصبحت الحياة كئيبة “باصجه”، خصوصا بعد فترة كوفيد 19, وبالتالي انعكست سلبا على المجتمع البحريني الذي لا يزال الكثير من أفراده يحاولون التمسك والمحافظة على ما تبقى من العلاقات الاجتماعية وعلى وجه الخصوص شريحة كبار المواطنين رجالا ونساء، والذين يتألمون أكثر من غيرهم من الشرائح العمرية الأخرى.
لأهمية طرح هذا الموضوع ندعوا مؤسسات المجتمع المدني المختصة بهذا الأمر والجهات الحكومية المعنية إلى المزيد من العمل المتواصل من خلال الندوات والفعاليات والبرامج التوعوية التي لها دور في إنقاذ البناء الاجتماعي وتقويته، فالمجتمع البحريني عموما والفئات العمرية الشبابية خصوصا بحاجة بين فترة وأخرى لمن يذكرها بخطورة استمرارية هذه الظاهرة التي نأمل أن تقف عند الحد المقبول. وعساكم عالقوة.