+A
A-

خبراء: هكذا يمكن مواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة في بريطانيا

يواجه رئيس الوزراء البريطاني الجديد ريشي سوناك تحديات كثيرة جلها ناتج عن المشكلات الاقتصادية التي يعاني منها الاقتصاد العالمي، والتي جعلت نصف سكان البلاد فقراء يعانون من ضغط ارتفاع تكلفة المعيشة والعجز عن تحمل فواتير الطاقة أو الإيجار أو أقساط الرهن العقاري.

وتحدث خبراء اقتصاد عن ثماني أولويات يجب أن تتصدر اهتمامات رئيس الوزراء للتخفيف من حدة تداعيات ارتفاع الأسعار وتدهور الأوضاع المعيشية، وهي تقليل المديونية العامة وخفض الإنفاق العام ومواجهة الإضرابات العمالية وتأجيل المشاريع غير الضرورية، واستقرار الأسواق المالية إلى جانب إلغاء تخفيضات الضرائب التي تساعد الطبقة الثرية وتجنب سياسة تخفيض الضرائب دون تخفيض النفقات، وتخفيض ميزانية الدفاع.

وبحسب مكتب الإحصاءات الوطنية البريطاني، فإن 45 بالمئة من البالغين الذين قاموا بدفع فواتير الطاقة لشهر سبتمبر وجدوا صعوبات في تحملها و30 بالمئة ممن يدفعون الإيجارات أو الرهون العقارية يجدون صعوبة في تحملها، وكانت النسبة أعلى في الأفراد ذوي الإعاقة والتي بلغت 55 بالمئة ممن وجدوا صعوبات في دفع فواتير الطاقة، و36 بالمئة ممن يدفعون الإيجارات أو أقساط الرهون العقارية، في حين قدرت هيئة السلوك المالي في بريطانيا أن 7.8 مليون شخص أو 6 من كل 10 أشخاص، يجدون صعوبة في الالتزام بسداد فواتيرهم.

كما أظهرت بيانات مكتب الإحصاء ارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية في المتاجر بنسبة 17 بالمئة على أساس سنوي، مقابل زيادة بنسبة 7 بالمئة فقط قبل عام، وارتفاع مقياس مؤشر أسعار المستهلك الشهر الماضي إلى 10.1 بالمئة، وهو أعلى من المعدل السنوي البالغ 9.9 بالمئة في أغسطس.

ويقول الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى البزركان: "جاء ارتفاع تكاليف المعيشة نتيجة أو سبباً لارتفاع التضخم وخصوصاً تضخم أسعار بعض المواد الغذائية والاستهلاكية الذي وصل إلى أكثر من 40 بالمئة إلى جانب أن بعض المراقبين يؤكدون دخول الاقتصاد البريطاني مرحلة ركود وهذا ينذر بحالة اقتصادية خطيرة تجمع بين التضخم والركود تسمى الركود التضخمي الذي ستعجز الأساليب المعتادة كرفع أسعار الفائدة في مواجهته".

ويشرح الدكتور البزركان في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" "أن هذا الواقع يضع أمام رئيس الوزراء البريطاني الجديد تحديات كثيرة قد ينجح في مواجهة بعضها ويفشل أمام البعض الآخر خاصة في ظل المشكلات الاقتصادية التي تواجه الاقتصاد العالمي، لذلك عليه أن يواجه تحدي تقليل المديونية العامة التي تجاوزت 90 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وخفض الإنفاق العام بما يتضمن تقليص الإنفاق على قطاعات التعليم والبنى التحتية والصحة، وإلغاء أو تأجيل مشروعات تعتبر غير ضرورية وفي مقدمتها مشروع القطار السريع (VHS)، بالإضافة إلى مواجهة الاضرابات العمالية المطالبة بزيادة الأجور في ظل تضخم فلكي لم تشهده بريطانيا منذ أكثر من 40 عاماً".

ويشير الخبير الاقتصادي البزركان إلى أن زيادة الفائدة بنسب تصاعدية أكبر من المتوقع للسيطرة على التضخم تتسبب في زيادة معاناة المواطنين وبالتالي ستتسبب في زيادة البطالة وإفلاس الشركات".

من جانبه، يؤكد أشرف العايدي رئيس تنفيذي "Intermarket Strategy" في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن هناك عدة أولويات أمام رئيس الوزراء الجديد لمواجهة الأزمات الاقتصادية وارتفاع تكاليف المعيشة وفي مقدمتها الوصول إلى استقرار الأسواق المالية، من خلال وجوب اتباع سياسات تبعد سوق السندات عن أي صدمات لتجنب صعود مجدد في عوائد السندات، مشيراً إلى أن ارتفاع عوائد السندات الحكومية يؤدي إلى ارتفاع متزايد في الفائدة على العقارات.

ويضيف العايدي: "يجب أن تتصدر اهتمام رئيس الوزراء تجنب تخفيض الضرائب دون تخفيض النفقات، بمعنى تحقيق التوازن في معادلة الضرائب والنفقات الحكومية والمحافظة على الحماية الاجتماعية في موضوع الضرائب، بالإضافة إلى إلغاء جميع تخفيضات الضرائب التي تساعد الطبقة الثرية أو الشركات، وتخفيض ميزانية قطاع الدفاع".

وبحسب العايدي، فإن "الوضع الاقتصادي الراهن أكثر خطورة من الأزمة المالية العالمية في العام 2008، لأنه كان أمام السلطات السياسة والنقدية في 2008 عدواً واحداً هو الركود، بينما اليوم تواجه هذه السلطات عدوين هما الركود والتضخم، وبالنسبة للركود يمكن مواجهته بتخفيض أسعار الفائدة وإجراءات التيسير الكمي أما الآن فهذه الإجراءات لا تنفع لأنها سوف تشعل نار التضخم الذي يحرق القوة الشرائية للعمال والمستهلكين".