العدد 5127
الجمعة 28 أكتوبر 2022
banner
نهتز من الدراما ضمن حركة الحياة الكبيرة
الجمعة 28 أكتوبر 2022

يقول كلوديل “إن النجوم في السماء تعمل في ضجة وازدحام، وذلك رغم أننا نراها هادئة ثابتة في أماكنها”، كذلك للدراما بمختلف أنواعها دور كبير في حياتنا، حيث تحفز بطريقة لا شعورية النفس البشرية، وتؤثر فيها دون وعي منا، والدراما التي تفي ببساطة الحياة، تشكل مع الدين أعتى القوى في الحياة، ويفهمها الغني والفقير، المثقف والجاهل على السواء، حيث يتغلغلان في القلوب والعقول بدرجة لا يمكن لأي فن آخر أن يحققها لأنهما صدى لأفكار الأمة ومشاعرها وآمالها.
والمؤلف الدرامي الناجح هو الذي يترجم عصره ويعبر عن مشاعر معاصريه، لا عن مشاعره هو ومذهبه فقط. إن المسرحية الجديدة هي تلك التي ترينا الجنس البشري في كل ظروفه، تنفرنا من الشر وتحبب إلينا الخير، كما تنفس عما يكون مكبوتا في نفوسنا من عواطف متصارعة كالحب والطموح والتبرم.
والدراما تلهب حماس الشعوب قاطبة، ولو أن ديكنز قد صاغ نقده للأوضاع الاجتماعية في قالب مسرحيات لكان عمله الفني قد وجد طريقه إلى قلوب العامة والخاصة على السواء. كما أن الفنان الأصيل هو الذي لا يغفل التقاليد الفنية، فإنها تساعد على نضجه فنيا، وقد عالج مولير أهمية ذلك في مسرحية “المحسن”، فقد فشل بطل مسرحيته في التحرر من تقاليد المجتمع وباءت محاولاته بكوارث مريعة جرها على نفسه. هذا بالرغم من أن عصرنا شهد محاولات عدة للخروج على التقاليد الفنية القديمة بعد عصر النهضة والحركة الرومانسية التي آمنت بقدرات الفرد وحريته في استخدام إمكانياته ومواهبه في خلق شيء جديد.
وقد كره مارلو قديما التقاليد الفنية فانتهج أسلوبا خاصا عالج به أعماله المسرحية، لكن بالرغم من عظمة مارلو وخياله الخصب وتأثيره الذي لا ينكر، إلا أن أعماله لم تعش كما عاشت مسرحيات شكسبير الذي أخذ من القديم أكثر التقاليد الأدبية رسوخا وأضفى عليها من روحه وعبقريته.
بصورة عامة، نحن بنو البشر نهتز من الدراما ضمن حركة الحياة الكبيرة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .