+A
A-

التكتلات مصدر قوة للبرلمان واستشاريو المجلس لا يفون بالغرض

هموم‭ ‬المعيشة‭ ‬والتضخم‭ ‬أبرز‭ ‬هواجس‭ ‬المرحلة‭ ‬المقبلة

التحول‭ ‬الإلكتروني‭ ‬في‭ ‬القضاء‭ ‬فتح‭ ‬ثغرة‭ ‬لولوج‭ ‬“الدخلاء”‭ ‬بمهنة‭ ‬المحاماة

 

  أكد عدد من المترشحين من مزاولي المهن القانونية على ضرورة وجود تمثيل قانوني كاف من النواب داخل تشكيلة المجلس، تدعم بحكم معرفتها وخبرتها بالقانون جودة التشريعات وعمل المجلس ككل، مؤكدين أن هذا الدور لا يمكن الاستعاضة عنه بدور المستشارين القانونيين في الأمانة العامة للمجلس.
وأشاروا في الملتقى الحواري الانتخابي الذي نظمته "البلاد" إلى أن التكتلات النيابية القائمة على أساس مهني بإمكانها أن تكون عاملاً مؤثراً في دعم قوة المجلس والضغط على سلطة القرار لاسيما بعد تراجع وانحسار دور الجمعيات السياسية وتمثيلها في المجلس.
وأكدوا على ما شكلته جائحة كورونا من فرصة لتسريع عملية التحول الرقمي، والتي اختصرت الكثير من الوقت والجهد على مزاولي المهنة والمستفيدين من خدماتها، إلا أن هذا التحول ساعد على ولوج "دخلاء" بمهنة المحاماة.


وفيما يلي الحلقة الأولى من اللقاء:

البلاد: نرحب بكم ونشكر حضوركم للمشاركة في هذا الملتقى الحواري الانتخابي، والذي خصصناه لإلقاء الضوء على تطلعات وبرامج عمل ورؤى عدد من المترشحين من مزاولي المهن القانونية، بشأن جملة من المواضيع المتعلقة بأهمية وجود نواب من مزاولي المهن القانونية والإضافة التي يمكن أن يشكلها وجودهم في المجلس.
ويشارك معنا في هذا الملتقى كل من المترشح عن سادسة العاصمة محمود الفردان عن جمعية الرابطة الإسلامية، والمترشح المستقل من الدائرة نفسها عادل البلال، إلى جانب المترشح المستقل عن خامسة الشمالية مجتبى حمزة.

البلاد: ما الدور الذي يمكن أن تلعبه الخلفية القانونية للنائب في تعزيز العملية التشريعية ودعم أداء المجلس؟

عادل: بلا أدنى شك، الخلفية القانونية هي واحدة من الخصائص المهم توفرها في النائب بدرجة وأخرى، فكما هو معلوم أن المترشح منذ ترشحه وحتى آخر يوم عمل له كنائب هو يتعامل مع قوانين، وهو ما يؤكد أهمية توفر المترشح على هذه الخلفية، بما يدعم التجربة البرلمانية.

مجتبى: الخلفية القانونية مهمة للنائب لممارسة مهامه وصلاحياته، واللائحة الداخلية لمجلس النواب في المادة 93 قررت إلزامية تقديم النائب مقترحات ذات صياغة قانونية احترافية، مشفوعة بمذكرة تبين الأسانيد والمستندات المؤيدة لطلبه، إضافة إلى ضرورة أن تكون هذه الصياغة مطابقة للقانون، مما يؤكد أهمية إلمام المرشح بالقانون بنحو من الأنحاء.
وتتأكد أهمية وجود القانوني المتخصص في المجلس من حيث كونه أقدر على استيعاب مقررات اللائحة الداخلية للمجلس، والأقدر على تعديلها وتعديل الدستور، كما أنه يستشرف الآثار الانعكاسية على الواقع قبل تقديم المقترح.
كما أن القانوني بحكم اطلاعه على مختلف القوانين وسهولة فهمه لها يكون أقدر على تحديد المشكلة.
والقانوني أيضاً بحكم مهنته والمهارة التي اكتسبها، هو يمتلك المرونة والواقعية؛ لإيجاد حلول بديلة ترضي جميع الأطراف، وبالتالي أعتقد بأن وجود القانوني في المجلس هو وجود أساس.


محمود: الخلفية القانونية للمترشح لعضوية مجلس النواب هي ميزة ضمن مميزات أخرى موجودة، ولكن ليس مطلوباً أن يكون المجلس ذو صبغة قانونية بالكامل، وإنما هذه الخلفية ستساهم في دعم أداء النائب وعمله وفهمه للتشريعات وأبعادها.
فهناك تخصصات أخرى في المجتمع مهم تواجدها في المجلس، حيث يتطلب المجلس وجود الأعضاء من ذوي الاختصاصات الاقتصادية والهندسية وغيرها؛ لدراسة وفهم الموضوعات ذات الاختصاص والتي يبحثها المجلس كالميزانية والقضايا الخدمية وغيرها.

البلاد: كيف تقيمون أداء النواب القانونيين وحجم تمثيلهم في المجالس النيابية السابقة، مع الأخذ في الاعتبار وجود مستشارين في الأمانة العامة للمجلس، التي تقدم دوراً مسانداً للنواب؟

محمود: المجالس السابقة ضمت بعض النواب من ذوي الخلفيات القانونية، إلا أن أعدادهم كانت قليلة، وأما عن تقييم أدائهم، فهو راجع إلى تقييم الناخبين أنفسهم.
وأما بخصوص وجود المستشارين القانونيين، فإن وجوده قائم على دوره الاستشاري وهو لا يغني عن وجود النائب القانوني الذي يملك صلاحية اقتراح المشاريع واتخاذ القرارات.

عادل: المجالس السابقة لم تكن مطعمة بالقدر الكافي من القانونيين، وذلك أن اختيار المترشح كان قائماً على متطلبات أخرى يراها الناخب، ولعل التجارب البرلمانية السابقة أسست لوعي مجتمعي بأهمية توفر النائب على الخلفية القانونية، لاسيما مع قلة هذا النوع من التمثيل.
ونتيجة لهذا الوعي وجدنا أن مجموعة من القانونيين اتجهوا للترشح للانتخابات المقبلة، وذلك ينطلق من إيمان الناس بالحاجة إلى وجود هذه الفئة، دون إغفال أهمية تواجد الفئات الأخرى من المجتمع كالاقتصاديين والمهندسين.

مجتبى: بلاشك لوجود الاستشاريين في مجلس النواب أهمية، إلا أن وجود نائب قانوني مهم لاستشراف المستقبل، حيث وجدنا أن هناك تخبطاً في إصدار بعض القوانين التي سرعان ما يتم إصدارها والتعديل عليها كقانون الإيجارات، فضلا عن وجود قوانين كانت آثارها سيئة على المواطنين والمتقاضين ومرت على مجلس النواب بكل يسر وسهولة ينبغي مراجعتها كقانون التنفيذ.
كما أن المستشارين في المجلس لا يعلمون ما الذي يدور في أروقة المحاكم، ولذلك فإن وجود النائب ذي الخلفية القانونية مهم وأساس لدعم هذا الجانب.
فالقانوني قبل تقديم أي مقترح هو يدرك ما يحتاجه التشريع من أركان، مما يختصر الكثير من الجهود على اللجان المختصة ومستشاري الأمانة العامة إلى جانب الحكومة في مناقشة وإقرار هذه التشريعات، وعدم تقديمه لمقترحات تتضمن مخالفات دستورية وغيرها.

البلاد: ما أبرز الهواجس والملفات التي تتصدر أولويات المرحلة المقبلة من وجهة نظركم؟

محمود: تأتي على رأس الأولويات للمترشحين للمجلس المقبل هي معالجة تضخم الدين العام وتحقيق التوازن المالي، مما ينعكس بذلك إيجابا على معيشة المواطن واقتصاد البلد والدفع بعجلة التنمية للأمام.
إن تنويع مصادر الدخل بالشكل الذي تم العمل به استنزف جيب المواطن بشكل كبير، وهو ما يؤكد أهمية العمل على خلق مصادر أخرى للدخل مع الحفاظ على مكتسبات المواطنين وتعزيزها.

عادل: تتصدر القضايا المعيشية أبرز أولويات المرحلة المقبلة، ودور النائب لا يقتصر على طرح المشكلة، بل توفير الحلول البديلة على وجه خاص، كزيادة المتقاعدين التي تم تقنينها، وهو ما ينبغي العمل لاستعادته وتوفير حلول بديلة تحقق مصلحة جميع الأطراف.

مجتبى: يأتي ملف البطالة على رأس أولويات المرحلة المقبلة، ولا يمكن معالجة البطالة إلا بإصلاح التعليم وضمان مواكبته لاحتياجات سوق العمل، بالإضافة إلى تسكين الموظفين في القطاعين العام والخاص.
كما تتطلب المرحلة المقبلة العمل على معالجة ملف الضريبة من خلال إعادة توجيهها للمواطنين كما اتجهت إلى ذلك إحدى دول الخليج، فضلا عن فرض ضريبة على التحويلات المالية الكبيرة، إضافة إلى فرض ضريبة على أرباح الشركات.
كذلك نحن بحاجة لإنشاء هيئة مستقلة لمكافحة الفساد تتولى البحث في شبهات الفساد وإحالتها للجهات القضائية، مثل تلك التي ترد في تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية.

البلاد: بالنظر إلى غلبة المستقلين على المشهد الانتخابي بعد انحسار دور الجمعيات، ظهرت تكتلات نيابية داخل المجلس، فكيف تقيمون أثر هذه التكتلات، وما هو رأيكم بتشكيل تكتلات ذات طابع مهني كتشكيل كتلة قانونية؟

محمود: التكتلات النيابية في المجلس مطلوبة للدفع بعدة أمور ذات الاهتمام المشترك.
وهناك نوعان من التكتلات، الأول هو التكتل المنسجم، بحيث يكون لهذا التكتل موقف واحد تجاه مختلف القضايا وهو ما افتقدته المجالس الأخيرة بشكل كبير.
أما النوع الثاني من التكتلات، فهي التي تنشأ بهدف تمرير مشروع معين، وهو أقرب إلى كونه استقطاباً من أجل تمرير مشروع ما أو تحقيق هدف ما، وهذه الميزة جيدة.
ومع التأكيد على أفضلية التكتل المنسجم، إلا أن قيام تكتل قانوني قد يختصر هذا التكتل في إطار محدود عبر الدفاع عن المهنة أو التخصص، في حين أن النائب هو يمثل الشعب بشكل عام، وذلك لا يمنع خلق مثل هذا التكتل بشكل مؤقت لتمرير بعض المشاريع المشتركة.

مجتبى: التكتلات دائماً مهمة لمجالس النواب وهي حالة واقعية تفرضها اللائحة الداخلية للمجلس.
وأما بشأن التكتلات المهنية، فإنه لا مانع بأن يكون هناك تكتل قانوني يساعد على بناء مقترحات ومشاريع مدروسة ومكتملة الأركان، أو أن يتواجد في كل لجنة على الأقل نائب قانوني، بما يسهل من عملية التنسيق بين التكتل القانوني وفهم ما يدور في اللجان، على أن يكون التكتل إيجابيا ولا يكرس الصراعات التنافسية الحزبية.

عادل: للتكتلات في مجلس النواب جانب من الأهمية، وهي ما يعبر عنها في السياسة بجماعة الضغط السياسي، والتي تساهم في الضغط على سلطة القرار.
وبالنظر إلى الفترة السابقة وما نشأ عنها من تكتلات، فإنه لنجاح أي تكتل يجب أن تتوحد الأهداف والمصالح، ولذلك نجد على سبيل المثال أن اختلاف الجمعيات الإسلامية في الفكر والأيديولوجيا منع من تحقيق تكتل بين هذه الجمعيات، فضلا عن انحسار حجم بعض تلك الجمعيات بالشكل الذي يمنعها من تشكيل قوة ضغط سياسي.
وفي الوقت نفسه أجد أنه في حال وجد ما يوحد مصالح وأهداف فئة القانونيين، فإنه بالإمكان تحقيق تكتل مؤثر على القرار، ومفيد في نتائجه وإنجازاته.


البلاد: ما الذي يمكن أن يساهم به النواب من مزاولي المهن القانونية في دعم تطوير المنظومة العدلية؟

محمود: واحدة من محاسن جائحة كورونا أنها ساهمت في إحداث نقلة نوعية للمنظومة القضائية نحو التحول الرقمي، ولكنه لا بد لأي مشروع جديد مواطن قصور وثغرات، وأحدها أن هذا التحول ساعد على دخول فئة دخلاء على مهنة المحاماة، والذين كان الباب موصداً أمامهم في القضاء التقليدي، حيث أصبحوا يمتهنون المحاماة من خلال استغلال النافذة الالكترونية للتقاضي، مما قد يتسبب في الإضرار بالمتقاضي حال وجود قصور في العمل القانوني.

نحن نعتز بالنظام القضائي الموجود، ولكن هناك مجموعة من القوانين التي تحتاج إلى التطوير، كقانون إيجارات العقارات الصادر في 2014 والذي ظهرت فيه مجموعة من النواقص التي تتطلب المعالجة لتحقيق التوازن بين المؤجر والمستأجر وغيرها.

عادل: بالعودة إلى برنامج عمل الحكومة سنجد أن من ضمن الأهداف هو هدف إعادة تقييم إجراءات التقاضي، حيث لمسنا فعلاً خلال الفترة الماضية النتائج الإيجابية في التحول الالكتروني في مجال التقاضي، والتي ساهمت في توفير الوقت والجهد في تأدية العديد من المهام، وهو ما يشير إلى أن السلطة التنفيذية أيضاً لها دور ورؤية في تطوير المنظومة العدلية.

ولكن من ناحية أخرى ما زالت هناك قوانين وإجراءات بحاجة لتعديل ومعالجة ومنها قانون التنفيذ الجديد، الذي كان ينبغي طرحه بشكل تجريبي أولاً، خصوصاً أن الطبيعة المحيطة بالقانون متجددة وذات وتيرة سريعة.

مجتبى: المنظومة العدلية والقضائية بحاجة إلى التغييرات الإيجابية، مع عدم الاستنقاص من واقع المنظومة، إلا أنه ينبغي مراجعة آلية عملها والدفع نحو تطويرها.

فما المانع من أن يتاح للمكتب الفني إبداء الرأي الاستشاري القانوني لكافة المحاكم بدلاً عن اقتصاره على محكمة التمييز، فضلاً عن الاستعانة بقانونيين ذوي كفاءة استشاريين يقدمون تقارير استشارية للقاضي ليستشرف منها التطبيق القانوني السليم، ما سيسهم في تطوير عمل المنظومة القضائية.