ما بالُ المرأة ِالتي عزفت عن الحياة السياسية بعد أن مكَّنها الدستور والقانون من حقها في الترشح وخوض المعترك السياسي وصناعة مستقبل أفضل للوطن والمواطن وتحقيق أهداف التنمية المستدامة لحاضر البلاد ومستقبلها تجسيدا لرؤية مملكة البحرين ٢٠٣٠م؟ شريكة الرجل وعضده، وجناحه الآخر الذي لا يُحلق بدونه، حرِّيٌ بها أن تتواجد كتفاً بكتف مع الرجل وتشارك في المحافل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية على حدٍ سواء؛ لتُسهم في بناء الوطن وتُحِلقَ به عالياً في سماء المجد والعلا.
إن غياب الوجه النسوي من قوائم الترشح في بعض الدوائر في المحافظات الأربع يثير العديد من التساؤلات، ويشي بنوعٍ من الخُذلان الذي تعانيه المرأة بالرغم من استحقاقاتها الانتخابية منشأهُ المجتمع الذي لا يزال يرى في ترشح المرأة ضرباً من الجرأة وخروجاً على الأعراف المجتمعية البالية التي لا أساس لها في المنطق والشريعة، ومع ثبوت ذلك لدى الجميع وقبولهم واحترامهم القوانين والدستور الذي يضمن حق المرأة في الترشح والانتخاب، إلا أنهم يُنكِرون على النساء ترشحهن للانتخابات منذ بداية عهد الإصلاح والتغيير الميمون لأسباب لا تستقيم مع المنطق والبداهة. الرجلُ يحقُ له الترشح دون تحفظٍ منه أو اعتراض من أحد، أما المرأة التي تتفوقُ في أحيانٍ كثيرة على منافسيها من الرجال يقعُ خبرُ استعدادها للترشح على رؤوس الناس وقع الصاعقة “دون مبالغة” لتصبح حديثهم اليومي ومحطةَ الشائعات والقيل والقال. وليس الرفض الضِمني لترشح المرأة مقتصراً على الرجل، بل والمرأةِ على وجهِ الخصوص، والتي تُعدُّ العدوَ الأول لجنسها، فهي لم تنشأ على تقبُّل انخراط جنسها في ميادين السياسة. ربما ذلك ما أسهم في تدني ثقة المرأة البحرينية في أهليتها للترشح للانتخابات النيابية أو البلدية بالرغم من نجاحها المُطَّرد في فترات الانتخابات التشريعية الأربع السابقة ولو بصورة نسبية، الأمر الذي أشعرها بالخيبة والعزوف عن ممارسة حقها في الترشح خوفاً من إحجام المجتمع عن إعطاء صوته لها.
المرأة هي الجناح الآخر للرجل ومعها لا بدونها تتحقق الأهداف والرؤى، وعلى المجتمع رجالاً ونساء وشباباً مسؤولية النهوض بدور المرأة وتمكينها من خوض المعترك السياسي والاعتراف بأحقيتها وقدرتها على صناعة التغيير والسير بالوطن والمواطن نحو التنمية الشاملة في كل المجالات.