التنوع الديني في البحرين نموذج لسلام القلوب
مسيحيون ويهود: المنامة عاصمة التعايش الديني منذ 200 عام
أكد عدد من الشخصيات الدينية المسيحية واليهودية في البحرين أن المنامة عاصمة للتسامح والتعايش السلمي منذ 200 عام بسبب التنوع جراء وجود الديانات الإبراهيمية التي تحظى برعاية واهتمام منذ زمن قديم من قبل القيادة السياسية وحكام البحرين منذ منتصف القرن التاسع عشر.
وأكدت الفعاليات الدينية لـ “البلاد” أن البحرين قدمت نموذجا سلميا للتعايش والتسامح إلى العالمية من خلال بلورة الرؤية السامية لملك البلاد المعظم صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، كما أن المنامة تعد اليوم نموذجا للسلم الأهلي في المنطقة من خلال ممارسة حرية الأديان والشعائر والمعتقدات والطقوس الدينية على مدار العام، إضافة للدور الهام الذي يلعبه مركز الملك حمد للتعايش السلمي.
واوضح المتحدثون أن إقامة ملتقى البحرين للحوار “الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني” في الوقت الذي يزور فيه قداسة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان وشيخ الأزهر الشريف أحمد الطيب البحرين تأتي في إطار حاجة العالم للحوار والتعايش السلمي من أجل الإنسانية.
الحوار والسلام
وقال راعي الكنيسة الإنجيلية الوطنية القس هاني عزيز إن السلام والتعايش في البحرين انتقل من الأجداد إلى الأبناء وإلى الأحفاد والأجيال كثقافة للتعايش السلمي ضمن طبيعة المجتمع البحريني المتسامح دائما مع التمسك بالدين والمبادئ وقيم المواطنة، ويوجد في البحرين 19 كنيسة للمسيحيين مسجلة في وزارة التنمية الاجتماعية، ويعتبر عدد الكنائس كبير مقارنة بالمساحة الجغرافية وعدد المسيحيين في البحرين، وهو الأمر الذي يميز صور التعايش السلمي وقبول الآخرين في مجتمع البحرين مقارنة مع العديد من الدول العربية و الغربية، كما يعتبر تعدد الأديان والمذاهب في المملكة نموذج لتشكيل فسيفساء لاحتضان كافة المواطنين في مركب واحد للعائلة البحرينية تحت راية صاحب الجلالة الملك المعظم راعي السلم والسلام.
وأردف عزيز أن الجميع في المملكة لديهم شرف المواطنة من خلال الانتماء لواحة السلام والتعايش “البحرين” بالرغم من تعدد الديانات السماوية الإبراهيمية في أرض الخلود “البحرين”، وهو الأمر الذي يعزز الانتماء والروح الواحدة لحب تراب الوطن من خلال الشعور بوجود قيادة حكيمة تحافظ على النسيج الاجتماعي في المملكة لأجل تقديم الرخاء والحياة الكريمة للمواطنين.
وذكر عزيز يوجد في البحرين طاقات مفعمة بالحب وصلت للعالمية من خلال وجود سفراء تمثل المملكة في البعثات الدبلوماسية بالخارج من مختلف الديانات وأعضاء في مجلس الشورى والمناصب الحيوية، وهو الأمر الذي يعتبر دليلا واضحا على أن البحرين ليس لديها تمييز بين الناس، حيث إن الجميع سواسية ولا تمييز بين المواطنين على حساب الدين و المذهب والجنس والعرق واللون، وهو شعور مكتسب من الناس من خلال توجيهات القيادة السياسية التي منحت الجميع الأمان والشعور بالمواطنة.
وعن زيارة بابا الفاتيكان فرنسيس للبحرين قال القس هاني عزيز أن قداسة البابا يعلم دور البحرين الريادي وحرص الملك المعظم لدفع عجلة التعايش السلمي العالمي وتعزيز مقدار المحبة وقيمة السلام في الوقت الذي يزور فيه شيخ الأزهر لإقامة “ملتقى البحرين للحوار- الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني”، والذي يشارك فيه 200 شخصية دينية يعتبر عبقرية في اختيار عنوان المؤتمر والمضمون واختيار الضيوف والمشاركين، وذلك لترجمة اهتمام و حرص البحرين للملتقى الذي يعبر عن مدى احترام الآخرين للبحرين التي تعتبر مركزاً للسلام والتعايش السلمي، كما ان إقامة الملتقى رسالة من البحرين إلى الشرق الأوسط الجديد لنبذ العنف والصراعات والحروب وفتح مجال للحوار والعمل على إرساء قيم العدل والسلام.
عاصمة التعايش
بدوره، قال رئيس مجلس أمناء كنيس الوصايا العشر عضو مجلس الشورى سابقاً إبراهيم نونو: تعتبر المنامة عاصمة التسامح والتعايش في المنطقة منذ زمن قديم جداً، ولعبت المدارس دورا مهما في تعليم الناس قيم المواطنة والاحترام وقبول الآخرين إضافة إلى توطيد العلاقات الأخوية والتسامح والتعاطف بين المواطنين والمقيمين في البحرين، لافتاً إلى أن السواح وزوار الكنيست اليهودي في المنامة دائما نسمع منهم الإشادة بالتعايش السلمي في البحرين وتعددية الأديان ووجود العبادة للديانات في المنامة.
وأعطى نونو مثالا للتعايش والتزاوج في المجتمع البحريني منذ القدم، حيث هناك حكاية معروفة بزواج الممرضة اليهودية مسعودة شاؤول أبو مزيكا من رجل بحريني مسلم، وقبل وفاتها وهبت أملاكها إلى الأوقاف السنية.
وتابع أن هناك شراكة في القرار السياسي لكافة الطوائف والأديان في المجالس التشريعية ومنها في مجلس الشورى، وذلك لأجل التفاهم وتعزيز قيم التسامح لخدمة البحرين من خلال وجود التعددية، لافتا إلى الدور المهم من قبل الحكومة في تعزيز السلام ومنح الجميع حرية الأديان وإقامة الشعائر الدينية والطقوس في المملكة، حيث تتمتع كافة الأديان والطوائف والمذاهب بحرية ممارسة المعتقدات والشعائر الدينية في الأعياد والمناسبات، مضيفاً أن صور التعايش في البحرين عكست التسامح السلمي للعالم الخارجي لعدم وجود تفرقة بين المواطنين بمختلف طوائفهم ومذاهبهم ومعتقداتهم.
واعتبر نونو أن إقامة “ملتقى البحرين للحوار- الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني”، يعكس الدور الريادي لقوة وصلابة البحرين بقيادة الملك المعظم ويساعد الآخرين في الاطلاع على تجارب البحرين في التلاحم والتقارب من خلال الشراكة في المجتمع لقبول الآخرين تنفيذاً للتوجيهات الملكية السامية للتعايش السلمي ونقل صورة البحرين النموذجية إلى العالم الخارجي.
وشدد نونو على أهمية تعليم الطلبة في المدارس والجامعات مناهج التسامح والتعايش السلمي والمواطنة لخلق المزيد من الوعي المجتمعي لأجل تعزيز قيم السلم والسلام وتعليم الأجيال المقبلة قبول واحترام الآخرين.
سلام القلوب
إلى ذلك، قال راعي كنيسة القلب المقدس الكاثوليكية الأب شربل فياض بأن زيارة بابا الفاتيكان للبحرين تعتبر زيارة تاريخية لها أهمية كبرى لأجل السلم والسلام وتعزيز لغة الحوار والتعايش والمحبة وفتح جسور التواصل بين البشر من أرض المنامة الدولة الأولى خليجياً في بناء الكنائس ودور العبادة، حيث تم في سنة 1908 بناء كنيسة ومدرسة ومستشفى لبعثة الإرسالية الأمريكية، وفي العام 1939 بنيت كنيسة القلب المقدس وهي أقدم كنيسة كاثوليكية، وذلك يعبر عن انفتاح حكام البحرين منذ زمن قديم ورؤية مسبقة لاستقبال وقبول جميع الديانات السماوية.
وذكر فياض أن البحرين تحظى بمكانة عند أبناء الطوائف الذين يحرصون على زيارة المملكة في أعياد الميلاد المسيحية والمناسبات الأخرى، حيث يشارك الكثير من المسيحيين العرب والأجانب في الصلوات وزيارة البحرين لرؤية القساوسة والكهنة في بلد يتوفر فيه مناخ لحرية ممارسة الشعائر الدينية لكافة الأديان الإبراهيمية.
ولفت الأب شربل فياض المقيم في البحرين منذ 7 سنوات إلى انه حظي بالتقدير الكبير من قبل المواطنين من مختلف الأديان والمذاهب، حيث طلبت منه سيدة بحرينية مسلمة الدعاء لوالدها و للمرضى في مجمع السلمانية الطبي، معتبرا ذلك دليلا على التعايش والتسامح والأخوة في الإنسانية بين البحرينيين الذين يجمعهم السلام الداخلي وسلام القلوب، مشيداً في ذات الوقت بالتنوع الثقافي للديانات السماوية والديانات الهندوسية والبوذية الموجودة في البحرين التي تعيش وسط مجتمع متنوع بالحب والسلام والحوار على مختلف الأصعدة.