العدد 5134
الجمعة 04 نوفمبر 2022
banner
قد تكون النكبات مصدر قوة وشجاعة وإلهام
الجمعة 04 نوفمبر 2022

أصيبت سيدة عاملة ونشيطة بمرض في ساقها فأوقف المرض نشاطها عن الخدمة الاجتماعية، لأنها باتت طريحة الفراش لعدة سنوات، لكن الغريب أن تلك المرأة لم توقف أعمالها بل حولتها إلى شكل أفضل، إذ طلبت من المسؤولين أن تحمل على نقالة لتوضع عند مدخل أحد المصانع، وهناك أخذت تراقب العمال، وهم يأتون إلى أعمالهم وساعة مغادرتهم، وهناك أخذت تحييهم في الصباح والمساء بابتسامة مشرقة، وهكذا استطاعت هذه المرأة المقعدة أن تؤدي رسالتها للعمال بطريقة جديدة، وكثير من العناء الذي كان يشعر به هؤلاء العمال خفت وطأته جراء ابتسامتها، ولسنوات عديدة أضاء محياها وجه الحياة المظلم لأولئك العمال الكادحين، وعندما توفيت هذه المرأة أقفلت أربعة مصانع ليتسنى للعمال الذين عرفوا فضل هذه المرأة ان يساهموا في الاشتراك في جنازتها وتشييع جثمانها، فهي أرتهم روح الجمال عن طريق الألم، ومكنتهم من رؤية جمال الحياة وسط النكد والعناء.
قال الفيلسوف شبنغلر معبرا عن روح المثابرة وعدم الاستسلام لنكبات الحياة.. “لا يسمح الوقت لنفسه بأن يتوقف، فلا مجال للتفكير بالرجوع إلى الوراء، وقد يظن الحالمون أن لهم مخرجا، كما يظن المتفائلون أنهم يعيشون إلى حين، لكن الحقيقة أننا ولدنا للزمان الحاضر، والدقيقة الحاسمة، وعلينا أن نسير بشجاعة في الطريق الذي كتب لنا أن نسير فيه، إذ ليس أمامنا طريق آخر”.
النسر الذي يواجه العاصفة فوق الجبال العالية لا يستطيع مقاومة التيارات الهوائية لكنه يحاول التحليق في الفضاء ليعلو عليها، إنه يجعل أجنحته تتناغم مع هبات الريح بحيث لا يتعرض لها خشية أن تتمزق، وبهذا يسلم النسر من العاصفة الجامحة.
إذا.. قد تكون المصائب والنكبات التي تصيب الإنسان في حياته مصدر قوة وشجاعة وإلهام وطريقا غير متوقع للإبداع وفرصة للبداية من جديد، وقديما يقولون.. المسرات لا ترفع من رؤوسنا، والآلام لا يمكنها أن تقصف ظهورنا.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .