العدد 5138
الثلاثاء 08 نوفمبر 2022
banner
ما وراء الحقيقة د. طارق آل شيخان الشمري
د. طارق آل شيخان الشمري
مصداقية وسائل الإعلام الأجنبية
الثلاثاء 08 نوفمبر 2022

من أشد الوسائل التي يتم استخدامها للإضرار بالأمن المجتمعي والديني والاقتصادي والسياسي للمجتمع العربي، ناهيك عن الإضرار بمفاهيم وأسس وركائز الهوية العربية، هي وسائل الإعلام الخارجية الناطقة باللغة العربية، والموجهة للمجتمع العربي بمختلف شرائحه. للوهلة الأولى قد يتبادر للذهن والعقل العربي بمختلف شرائحه أن وسائل الإعلام الخارجية الناطقة باللغة العربية دائما تقول الحقيقة، وأن لديها مصداقية كبيرة في طرحها كل جوانب المحتوى الإعلامي الذي تقدمه سواء كان محتوى سياسيا أو مجتمعيا أو دينيا أو أي محتوى يخاطب فئة من فئات المجتمع العربي.. وهذا خطأ كبير جدا من عقلية المشاهد والمستمع العربي في إعطاء وسائل الإعلام الأجنبية الناطقة والمسموعة باللغة العربية كل هذه السمعة الكبيرة والمصداقية.
يبدو أن إيمان شرائح المجتمع العربي بمصداقية وسائل الإعلام هذه مرده حالة الدكتاتورية العربية الإعلامية السابقة، التي لا تسمح إلا بمرور المحتوى الإعلامي لفئة معينة حتى لو كان غير صحيح. وهذا ما جعل المشاهد والمستمع يؤمن بأن كل من يخالفها وينتقدها من وسائل الإعلام الأجنبية هو صادق وأمين في كل ما يتطرق له بمحتواه الإعلامي، حتى لو كان هذا المحتوى الإعلامي محتوى كاذبا ومدمرا للأمن المجتمعي العربي والهوية العربية والاستقرار الديني والاجتماعي والسياسي للمجتمع العربي. ولعل عدم إدراك الطبقة الدكتاتورية العربية لهذا الأمر وعدم محاولة تغيير السياسة الإعلامية، زاد إيمان المجتمع العربي بمصداقية هذه القنوات ووسائل الإعلام.
لكن هذا الوضع تغير بعد التطور التكنولوجي الحديث، الذي أنتج وسائل إعلام حديثة عابرة للقارات والفضاء، وضعت حدا للمنبع الإعلامي الأوحد الذي كانت تحتكره الطبقة السابقة، وأيضا بعد تحرر المجتمع العربي، لكن ومع الحرية الإعلامية التي يشعر بها المواطن العربي في بث محتواه الإعلامي، ومع الإيمان أن بالطبقة السياسية العربية الحالية مختلفة كليا عن عقلية الطبقة السابقة فيما يتعلق بالمجال الإعلامي، ومع إيمان غالبية شرائح المجتمع العربي بأن ما تقوم به وسائل الإعلام الخارجية هو كذب في كذب، وأنها تمارس الابتزاز السياسي والديني والمجتمعي ضده، وأنها وسائل إعلام تسيطر عليها الحكومات الأجنبية لتحقيق أجندتها ومصالحها، إلا أن هناك من الشرائح العربية من مازالت تؤمن بمصداقية وسائل الإعلام الأجنبية، نعم هؤلاء يؤمنون بما تبثه هذه الفضائيات ووسائل الإعلام الأجنبية من محتوى إعلامي، لكنها لا تؤمن بأن هذه الفضائيات الأجنبية لا تتطرق للملايين من العرب الذين سقطوا بسبب سياسات الدول التي تبث منها هذه الفضائيات الأجنبية.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية