العدد 5139
الأربعاء 09 نوفمبر 2022
banner
البيئة والنزاعات العسكرية
الأربعاء 09 نوفمبر 2022

لم يسلم الإنسان والحيوان والنبات من ضرر الحروب، ونالت البيئة نصيبها من ذلك، فتأثرت المياه والهواء والتربة الزراعية، وهي المكونات الأساسية لحياة الإنسان على الأرض، فالحرب هي الدمار والعبث والفساد ونتيجتها هلاك الحرث والنسل، خصوصا حروب التكنولوجيا الحديثة بما تحويه من أسلحة بيولوجية وجرثومية، وليس فقط من آثارها هلاك الإنسان قتلًا.. بل أيضًا تؤثر على إنتاج المياه الصالحة والإنتاج الزراعي وتعريض التربة الزراعية للتدمير بسبب تسرب المواد المشعة إليها ووصولها للإنسان عبر ما تنتجه الأرض من غذاء، ويعد استخدام المتفجرات لإزالة الغابات مؤثرا على النظم الإيكولوجية. 
لقد ظهرت مجموعة من الحالات المرضية الغامضة في العراق بعد العدوان الأميركي، أبرزها “التشوهات الخلقية والاعتلال العصبي وسرطان الدم والثدي والغدد اللمفاوية”، كما “أن وجود الألغام الأرضية يجعل مساحات واسعة من الأراضي المنتجة غير صالحة للزراعة”، وتتأثر التربة أيضًا حين يتم طمر النفايات أثناء وبعد العمليات العسكرية، وهذا ما حل “ببغداد لعدة أشهر حيث بقيت أكداس من النفايات الإشعاعية المتسربة من موقع التويثة العسكري في شوارعها”. لا يعني توقف الحرب تحقيق السلام بين المتحاربين، فالسلام لا يمكن أن يتم دون الحفاظ على الموارد الطبيعية التي تحافظ على سُبل عيش الإنسان والتي تحقق التنمية المستدامة. 
الدول والأمم المتحدة وما يتم عقده من مؤتمرات ومعاهدات تسعى للحد من تدهور البيئة وتغير المناخ والالتزام بحماية الأرض من آثار الحروب المدمرة، فالصراع البيئي في الحصول على المزيد من الموارد الطبيعية الشحيحة من مسببات الحروب، وهو صراع يؤثر سلبًا على العلاقة بين الدول وعلى المجتمعات وثرواتها الاقتصادية والأفراد. وللحد من التدهور البيئي لابد من مبادرات بيئية دولية، فالحوار والتعاون البيئي يؤدي إلى القضاء على التحديات البيئية، ويعزز بناء السلام بين الأطراف المتنازعة.
لا يمكن فصل الأمن البيئي ومخاطره عن الأمن الإنساني، قد يُقتل العديد من الأفراد أثناء الحروب، إلا أن أثر البيئة يمتد لأجيال عديدة، فعلى الدول أن تتعاون وتعمل معًا من أجل الحد من معاناة البيئة من الحروب.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية