العدد 5140
الخميس 10 نوفمبر 2022
banner
من أنتم؟!
الخميس 10 نوفمبر 2022

ينأون بأنفسهم عن الآخرين منذ بدء الرحلة، ويقتصرون الحديث مع الشخصيات المشهورة التي ترافقنا في رحلتنا إلى إسطنبول وطرابزون، لا نعرف أسماءهم حتى، وهم لا يرغبون بالاختلاط بنا أو مشاركتنا الأفكار، وفي أعينهم نظرات تعالٍ لا يخطئها المرء؛ فمن الجلي تماما أنهم ينظرون إلينا على أننا دون المستوى حسب معاييرهم المتعالية، كلنا تمر علينا مخلوقات متعجرفة من حين لآخر، لكن مرورهم بي خطأ في العنوان.
أخاطب اليوم هؤلاء المتباهين بأنفسهم والظانين بأن لا شخص يعلو على شخصهم، من أنتم؟ إذا سلمنا بوجود الفوارق بين البشر، فلنتذكر أن تلك الفوارق هي التي تقربهم وتكملهم، وليست سبباً للتباعد والعداء أو باعثاً على تفاخر قوم على آخرين لبياض جلدتهم وسواد جلدة سواهم، وثرائهم وفقر الآخرين، وثقافتهم وجهل البعض.. ليس أبشع من نظرة شزر لمن هم حولكم ولا أروع من التواضع والابتسام في وجوه الآخرين!
من حق كل إنسان أن يفخر بنفسه وأن يكون معتداً بذاته وإمكاناته لأنه يعمل ويسعى ويجتهد ليحقق أهدافه وتطلعاته التي تسهم في تطوير المجتمع الذي يحيا فيه، وشتان بينه وبين المتباهي الذي لا يعمل ولا يسعى ولا ينتج، ولا يميزه سوى ماله الذي ورثه على حين غرة أو سيارته الفارهة، أو ملابسه التي تحمل علامات فارقة، أو شهاداته العلمية التي أهلته أكاديمياِ ولم تؤهله للتعامل مع المجتمع بصورة سوية.
ذوو الدماء الزرقاء هؤلاء انتقائيون يصنفون الناس حسب مقاييسهم، فيقربون زرق الدماء ويذرون عامة الناس الذين قد يتفوقون عليهم حسب مقاييس السماء والأرض.. هم يمتازون بفكر عقيم لا ينتج ولا يخدم الأمم والمجتمعات ولا يسهم في خلق التغيير للأفضل، لأنهم غير قادرين على الانخراط في المجتمع والتواضع لمن حولهم ومد يد العون. لهم أقول، أنتم زيادة على المجتمع ومعرقل للتطوير والتنمية وناشر للغبن والضغينة، ولن تمتازوا عن الغير حتى تتواضعوا ولا تصعروا خدكم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .