العدد 5146
الأربعاء 16 نوفمبر 2022
banner
لماذا نكرّم المعلم؟
الأربعاء 16 نوفمبر 2022

إنّ التكريم الذي تقيمه المؤسسات المجتمعية بين آونة وأخرى واستذكارهم المربين يؤكد ما يتمتع به هذا الإنسان من مكانة اجتماعية، ويؤكد أيضا أنّ احترام وتقدير المعلم لا يقف عند أسوار المدرسة، بل يتجاوزه إلى خارجها، والوفاء لهؤلاء الرجال الاستثنائيين لم يأت هكذا مصادفة لكنه تعبير عن أنّ الحب الذي يكنه أفراد المجتمع صادق وتلقائيّ، فالجميع يكنّ لهم فيضا من العرفان، ويدينون لهم بالفضل في كل المراحل التعليمية. 
ولابد أنّ معاشر المربين تنتابهم بين وقت وآخر متاعب وانشغالات جراء هموم المهنة المتعددة، بيد أنّ هناك مواقف تجدد في المعلم طاقته على العطاء كأن يلتقي به أحد طلبته مصادفة مشيدا بتضحياته وتفانيه، الأمر الذّي يمسح عنه ما راكمته السنوات من عناء ويحفزه على البذل ويشحنه بالتجديد، وغالبا فإنّ ذاكرة الأغلبية منهم تخذلهم في التعرف على طلبتهم.
مناسبة هذا الحديث حفل التكريم الذي أقامته جمعية الجنبية الخيرية لعدد من المعلمين والمعلمات المتقاعدين قبيل أيام، وألقى الأستاذ طه أحد المعلمين المتقاعدين كلمة تقطر وفاء وعرفانا بدور المربين بينها “يا من تسكن في سويداء القلب وتنقش في الذاكرة صورة الوردة التي أزهرت ومازالت تنثر عبير عطرها في الوجدان.. يا من علمت من لم يعلم كيف تكون للكلمة نغمتها المبجلة عندما تخرج من فم عاشق لا تخونه العبارة في التعبير عن مشاعر الاحترام للآخر.. أيها الأستاذ الجليل.. أية كلمات توازي جهدك. إنّ كل الكلمات تصغر أمام عظيم صنيعك وكل الحروف تقف عاجزة عن حصر مآثرك فلكم أيها المربون أيها البناة الحقيقيون في عيدكم كل الحب وكل التقدير والعرفان، وكل ورود الأرض وأزهارها وفلّها وياسمينها، لأنه بعطائكم نحيا وعيدكم هو عيد للوطن”.
إن كل عطاء قد يتبخر وينتهي مع الزمن بعد أن يؤدي وظيفته، إلاّ عطاء المعلم صانع الأجيال فإنه يبقى راسخا في الذاكرة إلى آخر العمر. وهذا يعني أنّ وظيفة هذا الإنسان تقترب من مهمة ورسالة الأنبياء. لقد خلّد أحمد شوقي مهمة المعلم بقوله “قم للمعلم وفّه التبجيلا.. كاد المعلّم أن يكون رسولا”.
*  كاتب وتربوي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .