العدد 5149
السبت 19 نوفمبر 2022
banner
ما وراء الحقيقة د. طارق آل شيخان الشمري
د. طارق آل شيخان الشمري
جواري زمن السوشال ميديا
السبت 19 نوفمبر 2022

تطورت وسائل الاتصال ومخاطبة الجمهور والتعبير من وسائل تقليدية، وإن كانت مستمرة حتى الآن، إلى وسائل حديثة تتميز بسرعة وصول المحتوى الإعلامي للجمهور، وأيضا سرعة التفاعل بين مصدر الرسالة ومستقبل الرسالة من الجمهور، ومع هذا التطور، تغيرت فلسفة الصحافة والإعلام من فلسفات تقليدية لفلسفات حديثة، وإن لم تتضح فعليا وواقعيا فلسفات وأسس ومرتكزات الإعلام الحديث.
ومن البديهي أن تتطور عقلية الجمهور ومستقبلي الرسالة الإعلامية بتطور وسائل الإعلام، فقد رأينا الفضائيات والمواقع الإخبارية على الشبكة العنكبوتية، ورأينا أيضا إنشاء قنوات تلفزيونية على منصات التواصل الإعلامي كاليوتيوب مثلا، وبالرغم من الاستخدام العقلاني للجهات المصدرة للرسالة الإعلامية، إلا أن هناك جهات أخرى تقوم بتصدير الرسالة والمحتوى الإعلامي للجمهور، لكنها تتميز بالتفاهة والتهريج والإسفاف والمحتوى الهابط، كذلك ظهرت جهات تقوم بصناعة وتصدير محتوى إعلامي يتميز ببيع النفس البشرية وأعضاء هذه النفس البشرية كالوجه والجسد.. إلخ. وقد ظهرت بالآونة الأخيرة مجموعة من النساء والفتيات ممن يستخدمن منصات التواصل الاجتماعي لبيع أنفسهن وجمالهن ومفاتنهن تحت حجج بيع مستحضرات تجميل أو الدعاية لمنتج معين، وعملية البيع والدعاية هذه بحد ذاتها لا غبار عليها، لكن أن يتم استخدام الجسد وأعضائه بشكل مقزز ومهين للمرأة، فإن ذلك يعتبر عملية نخاسة إعلامية للمرأة. 
بمعنى أن بعض هؤلاء وما يقمن به من إنتاج محتوى إعلامي وبثه عبر منصاتهن الإعلامية، هو بحقيقة الأمر عملية بيع جوار بسوق النخاسة، فعندما تقوم إحداهن بحركات وإيحاءات تحرك الغريزة الحيوانية لبعض شرائح الجمهور، فإنهن في نظرنا مجرد جوار في سوق نخاسة يقوم صاحب محل النخاسة (وهو منصة التواصل) بعرض مفاتن وإمكانات هذه الجارية للمشترين (أي المتابعين). لهذا، فإن هذه الجارية، والتي تتخذ من مسمى صانعة محتوى، ناشطة في السوشال ميديا، فاشنستا، مشهورة.. إلخ، تفعل كل ما في وسعها لكي تجذب الآخرين لها وتستعرض لهم كل إمكاناتها من لبس وحركات وإيحاءات غير أخلاقية.. إنهن فعلا جواري السوشال ميديا.
* كاتب سعودي

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية