العدد 5151
الإثنين 21 نوفمبر 2022
banner
التسامح بين البشر... منهج حياة
الإثنين 21 نوفمبر 2022

يُعتبر التسامح فضيلة دينية ومنهجا دنيويا، وثقافة مجتمعية للبشر باختلاف أديانهم وعاداتهم وثقافاتهم وأعراقهم وجنسهم وألوانهم، فعلاقة البشر تقوم أساسًا على كيفية التعامل بين الناس، وتمتين العلاقة بينهم، وجعلها وجبة يومية مستدامة، فللتسامح قيمة إنسانية وقوة كبيرة، وليس مجرد إطار نظري، بل إنه منهج للحياة من خلال التعامل مع الآخر وقبول التعايش معه واحترامه، من منطلق إنساني حميد وديني مجيد.
يرفض التسامح “التشدد في الدين والتديَّن السطحي” ويدعو إلى أن يتزين “الدين” بالرحمة والمغفرة والاستواء والكرم والرفق والاعتراف بالآخر والتعايش معه واحترامه واحترام دينه ومعتقداته، وأن يعيش جميع أفراد المجتمع بمساحة من العيش المشترك تحت ظل حق الاختلاف ــ اختلاف الدين والمذهب والرؤى السياسية ــ وهي خطوة من خطوات معرفة الآخر، وأن تبني معه قواسم مشتركة، وتفتح السُبل للتعاون معه لتحقيق جُملة من الأهداف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية.
يختلف الناس في ألوانهم وجنسهم وأديانهم ولغاتهم وثقافتهم، وهذا الاختلاف لا يكون سببًا للتنافر والعداء بينهم، بل للتعارف والتلاقي وتبادل المعارف والعلوم، وعدم تأويل النصوص الدينية وتفسيراتها لتأجيج الاختلاف، إنما يجب استخدامها في سياقها الإنساني الحضاري الذي يجمعنا مع الآخر، فجهل العِلم بمفهوم النصوص الدينية وحقيقة تفسيرها يقودنا إلى أهمية تضمين المناهج التعليمية وبرامجها قيم الحوار والتسامح والعيش المشترك وقبول الآخر.
يَعتمد التسامح الذي تحتفل به منظمة الأمم المتحدة في نوفمبر من كل عام على تعزيز التفاهم المُتبادل بين البشر وثقافتهم، بعيدًا عن الكراهية والعُنف والتطرف والنزاعات والحروب في ظل تعايش فكري وإنساني بين البشر، وكواجب أخلاقي للأفراد، وعلى أساس القواسم المشتركة الأساسية التي تجمع البشر كالإقرار بوجود الاختلافات بينهم واحترامها بهدف إقامة علاقات إيجابية وبناءة بين البشر على القيم الأخلاقية الإنسانية الكامنة في مختلف الأديان “كالحق والخير والجمال”، وما تمثله منظومة “حقوق الإنسان” من مبادئ وقيم، والتي تؤكد أن من حق الإنسان أن يكون مختلفًا عن الآخرين في اعتقاده وآرائه وأفكاره، وأن تكون له شخصيته الفردية المتميزة عنهم، فاحترام الآخرين وفقًا لذلك يُعزز فكرة التسامح.
* كاتب وتربوي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .