رئيس مركز نصف طريق للتأهيل لـ"البلاد": مرضى الإيدز بحاجة لاحتواء المجتمع لهم وليس الرفض
دعا رئيس مركز نصف الطريق للتأهيل خالد الحسيني لاحتواء مرضى الايدز مجتمعيًّا، وتقبل حالتهم وظروفهم، عبر التثقيف والتوعية، لافتًا إلى أنهم فئة مكسورة، وموجوعة، وتعتريهم غصة، وتساؤلات عن أسباب رفض الناس لهم.
وأشار الحسيني في لقائه مع “البلاد” بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة مرض الايدز إلى أن المرضى الذين يجهرون عن إصابتهم بالفيروس هم شجعان، وأبطال، في موقف يعكس عدم وجود الرغبة منهم من الضرر بالآخرين، مضيفًا “هم بحاجة للعلاج النفسي وليس الرفض”.
بداية، ما الفكرة التي أوجدت مركز “نصف الطريق للتأهيل”؟
مشروع “مركز نصف الطريق للتأهيل” تم تأسيسه كجمعية العام 2018م، وهو مكان لاحتواء من يريد التعافي من إدمان المخدرات، أو الأمراض المتفرعة منه، وبحيث تتم معالجة المريض وتأهيله نفسيًّا، لكي يندمج مع المجتمع من جديد، بشكل طبيعي أسوة بالآخرين. ويتفرّغ من ذلك الإرهاصات النفسية التي تكون مصاحبة للإدمان، أو مواقف سابقة مر بها الشخص، سواء بالصغر، أو أثناء مرحلة التعاطي، وغيرها، ومن الحالات التي نشخصها مرضى الإيدز، والذين أصابهم الفيروس بسبب إدمانهم للمخدرات، ولربما استخدامهم للحقن الملوثة.
ذكرت أن جزءًا من المرضى الذين يرتادون مركزكم، هم من مرضى الإيدز، ما هي تجربتكم حول ذلك؟
مرضى الايدز حين يأتون لمركزنا، يجهرون أمامنا بأنهم مصابون بالفيروس، ما يعكس أيضًا رغبتهم بعدم الإضرار بالآخرين، ونحن نحرص على أن نتعامل معهم بشكل عادي أسوة ببقية المرضى، ولكن مع أخذ الإجراءات الاحترازية اللازمة، كاستخدام الأدوات بشكل مشترك معهم.
ومن بين كل الحالات التي نظرت لها، استمرت معي حالة واحدة فقط حتى النهاية.
بماذا تصنّف مرضى الايدز ممن يجهرون بمرضهم؟
أصنفهم بالشجعان، والأبطال، بل هم أكثر من ذلك، إذ ليس من السهل فعل ذلك، بسبب الخوف، والخجل، والتوجس من نظرة المجتمع، وهذا أكبر خطأ، لأن فيروس الايدز لا ينقل عبر التعامل العادي، وإنما بالدم أو السوائل فقط، ولربما الأدوات المشتركة كأدوات الحلاقة.
ما الذي نحتاجه في البحرين اليوم فيما يتعلق بفئة مرضى الايدز؟
نحتاج لتوعية وتثقيف المجتمع بشكل مستمر، عن المرض، والأشخاص المصابين به، وآلية التعامل معهم واحتوائهم، ووسائل انتقال الفيروس، ووسائل الاحتراز منها.
يجب أن يكون هنالك تقبل لهذه الفئة، وتفهم، لأنهم في نهاية المطاف مرضى، وبحاجة للمساعدة، ومنهم من انتقل الفيروس له بلا ذنب منه، كعمليات نقل الدم، أو الولادة بالمرض وغيرها.
مريض الإيدز بحاجة لتدخل نفسي من الأخصائيين، لرفع معنوياته، ومساعدته، وحاليًّا هنالك علاجات مؤقتة للمرض، وهي أفضل من الحال السابق للفيروس، قبل عشرين أو ثلاثين سنة.
هل سبق لك أن اعتذرت عن حالات مرضية معيّنة، كمرضى الايدز مثلًا؟
لم يسبق لي أن فعلت ذلك، وأنا لا أنظر للشخص من طبيعة مرضه، أو شكله، أو لونه، أو عقيدته، وإنما من خلال حاجته للمساعدة كمريض، ودوري هو أن أفعل ذلك.
كم عدد مراكز التأهيل التي تساعد مرضى الايدز؟
هنالك أخصائيون يتابعون ذلك، وليس مراكز، ولكن وفي المقابل توجد مراكز متخصصة لمساعدة مدمني المخدرات على التعافي وهو أمر جيد، ويعكس وعي المجتمع، وجهود الناس الخيرة.
منذ أن بدأت العمل في مجال التعافي، كم عدد حالات الايدز التي واجهتها؟
أعمل في مجال التعافي منذ العام 2012م، ولقد مرّت علي حالات عديدة، ولكنها لا تتناسب مع عدد المصابين في البحرين والمعلن عنهم من قبل الجهات الرسمية، والسبب هو تحفظ، وخوف، وخجل المصابين بفيروس الايدز من الحديث بذلك.
ولقد تعاملت مع المرضى بشكل سلس ومريح، مطالبًا إياهم باستخدام أدواتهم الخاصة لوحدهم، وأن تكون لهم غرفهم الخاصة، وغير ذلك.
ما أكثر تساؤلات مرضى الايدز؟
مريض الإيدز يكون بالغالب خائفًا، ومتوترًا، وتساؤلاته تدور بفلك كم باقي له من العمر، وسبب رفض المجتمع له، وعدم مقدرته على الزواج، وحرمانه من أبسط حقوقه في الإنجاب، ويتمنى بأن يعيش حياة طبيعية أسوة بغيره من الناس.
وهو حال يتطلب -كما أسلفت- التدخل النفسي، خصوصًا مع غياب العلاج الحاسم له، باستثناء بعض الأدوية والعقاقير التي تخفف حدة المرض، وتؤخر آثاره.
ما أهم التجارب الغربية التي لفتت انتباهك بهذا الشأن؟
تزويج مرضى الإيدز ببعضهم بعضًا، وفق آلية وشروط معينة.
ما الواجب المنتظر منّا تقديمه لمريض الايدز؟
رفع مستوى التوعية والتثقيف، سواء في الجامعات، والمراكز الثقافية والرياضية والاجتماعية، والصحف، والتلفزيون وغيرها، وبحيث يطول المجالات الأخرى أيضًا، كإدمان المخدرات، والتهاب الكبد الوبائي وغيرها.
كلمة أخيرة.
يجب أن نعي مسؤوليتنا الاجتماعية والأخلاقية لمساعدة هذه الفئة، والوقوف لجانبها، لأنها تعاني الغصة، والانكسار، والألم، والوجع.