العدد 5162
الجمعة 02 ديسمبر 2022
banner
محي الدين بهلول
محي الدين بهلول
في الذكرى الثانية لرحيل سمو الأمير خليفة بن سلمان... حكايات وإبداعات
الجمعة 02 ديسمبر 2022


إلى كل من قدّم للبحرين عملًا وطنيًّا وسياسيًّا رائعًا، إلى كل من قدّم فكرًا اقتصاديًّا مثمرًا، إلى كل من حقق إنجازًا وتضحيات مثمرة، إلى جيل الأمس الذي عايش وتعايش مع إنسان بمعنى الكلمة، إنه صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء في ذكراه الثانية، تلك السطور. 
 يعد خليفة بن سلمان من الشخصيات التي صنعت التاريخ، وصاحب المواقف الشجاعة التي أضفت إلى شخصيته سمات الفكر والإبداع في زمن كانت الحاجة إليه ماسة، أما الأعمال والإنجازات لسموه فستظل لامعة متألقة في كل ركن من البحرين، والتاريخ ما هو إلا شاهد على ذلك، فالإنسان ممثلًا في سموه طيّب الله ثراه، هو الصانع الأول للتاريخ، ومعروف أن التاريخ يحوي فيما يحويه أسماء عظماء لهم بصماتهم وهم من سطّروا وصنعوا مجدًا في زحمة الحياة، واليوم ونحن في هذه الذكرى الثانية نجلس مع أبنائنا وأحفادنا لنقص لهم حياة هذا الرجل الذي افتقدناه وكم نحن بحاجة إليه، إنه خليفة بن سلمان، لقد كان سموه ظاهرة امتازت بالحب للوطن والسؤال عن كل مواطن، وكان هذا واضح المعالم في مجلسه الأسبوعي الذي جعله منبر حب وسعادة لكل من يأويه، كما كان لسموه رباط وثيق بأخيه سمو الشيخ عيسى منذ الطفولة، علاقة ود ومحبة، وكان من أسبابها التقارب في كل الأمور ولاسيما شؤون الوطن التي زادتها صلابة وتماسكًا، إن إنجازات هذا الإنسان لا تعد ولا تحصى، في عام 1965 كان مشاركًا فعليًّا في وضع حجر الأساس لمدينة عيسى، وفي عام 1962 قام بتوزيع وثائق الملكية لأهالي قرية المالكية وتوصيل الكهرباء إلى قرية سلماباد، و1963 في قرية الجسرة. وفي عهده تم افتتاح مستشفى الولادة في سترة وذلك في أغسطس 1964، وتوصيل المياه العذبة إلى مدينة الحد في مايو 1962، ولم تتوقف مجالات التنمية العمرانية، بل توالت الإنجازات يومًا بعد يوم حيث تم إنشاء مدينة حمد. لقد اتسمت طموحات سموه في فترة الستينات نحو التنمية الاقتصادية بشقيها التجاري والصناعي، في عام 1972 تم التشكيل الوزاري، وعندما تولى رئاسة مجلس الوزراء في 15 أغسطس 1971، وضع سموه أمامه أمرين مهمين الأول هو إرساء قواعد راسخة للاقتصاد الوطني، أما ثانيهما فهو تطوير وتنمية هذا الاقتصاد. يحدوه في ذلك أن يعود أولًا بالنفع الدائم على المواطن البحريني من أجل رفع معيشته في الحاضر والمستقبل. 
 وفي عام 1971، تفضّل سموه بافتتاح بنك البحرين والكويت، وفي عام 1970 لشهر مارس افتتح سموه أول متحف في البحرين، وعودة لتاريخ هذا الرجل الذي قاد أمة في أحلك الظروف السياسية والوطنية التي مرّت بها البحرين عام 2011، إن التاريخ لن يذهب بعيدًا عن سموه، حيث هو التاريخ ورمز من الرموز الوطنية، هذا الرجل لمن لا يعرفه عليه أن يعرف بأنه جعل البحرين بإنجازاته وحياته شعلة أضاءت للجميع دروب الحياة الصحيحة في حب الوطن، الذي استطاع من خلاله أن يجعل جموع المواطنين على قلب واحد يهتفون نموت ويحيا الوطن، هذا الرجل كان في خطاه وفكره كل علامات الوطنية للبحرين اجتماعيًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا، ومن أقواله المأثورة على سبيل المثال لا الحصر، الصدق في القول والإخلاص في العمل والحق والحب بين الناس أساسه القانون، يعتبر صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان بن حمد آل خليفة، هو الابن الثاني لحاكم البحرين الأسبق المغفور له الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، وعم حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة ملك البلاد المعظّم، وهو رئيس وزراء مملكة البحرين منذ استقلالها في عام1971. ولد سموه في يوم الأحد الموافق للرابع والعشرين من شهر نوفمبر عام 1935. نشأ في رعاية والده المغفور له سمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة حاكم البحرين (1942 - 1961) وقد عمد والده رحمه الله إلى إعداد سموه، منذ نعومة أظفاره للاضطلاع بالمسؤولية وتحمل الأمانة، فبدأ بتعليمه القرآن الكريم على يد أحد أشهر المشايخ في البحرين آنذاك، ولم يكد سموه يبلغ السابعة من عمره حتى أصدر والده أوامره بأن ينتظم مع أخيه في حضور مجلس سموه، وهناك بدأ سموه الاطلاع على مشكلات المواطنين وما يشغل اهتمامهم، والاطلاع على السياسة الحكيمة التي انتهجها والده رحمه الله في إدارة شؤون الحكم. ولم تمض سوى فترة قصيرة حتى بدأ سموه تعليمه النظامي، إذ عيّن سمو والده الكريم مجموعة من أكفأ معلمي ذلك الوقت ليقوموا بتعليمه المواد الأساسية، وذلك قبل التحاقه بإحدى المدارس التابعة للحكومة، وفي عام 1957 ابتعث الشاب خليفة للدراسة في بريطانيا على فترات متقطعة حتى عام 1959. مناصب ومهام تولاها صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة قبل رئاسة الوزراء.
- مساعدًا في ديوان والده الحاكم (مارس 1953).
- عضوًا في لجنة بحث مشكلة الإيجارات (سبتمبر 1954)
- عضوًا في مجلس المعارف (مارس 1956)
- رئيسًا لمجلس المعارف (يناير 1957)
- عضوًا في لجنة الكهرباء (ديسمبر 1957)
- عضوًا في اللجنة المكلفة ببحث شؤون موظفي الحكومة (نوفمبر 1958)
- قائمًا بأعمال سكرتير حكومة البحرين (أغسطس 1958)
- رئيسًا لمالية الحكومة (نوفمبر 1960)
- رئيسًا لمجلس الري (نوفمبر 1961) 
- رئيسًا لبلدية المنامة (مايو 1962)
- رئيسًا لمجلس النقد (ديسمبر 1964)
- رئيسًا لمجلس استئناف قضايا الهجرة والإقامة للأجانب (اغسطس 1965)
- رئيسًا للمجلس الإداري (مايو 1966)
- رئيسًا لمجلس الدولة (يناير 1970)
 وفي الخامس عشر من أغسطس عام 1971، صدر عن سمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة – حاكم البحرين آنذاك – مرسوم بشأن إعادة التنظيم السياسي والإداري للبلاد. وطبقًا لهذا المرسوم، تم تغيير اسم إمارة البحرين إلى دولة البحرين، كذلك لقب حاكم البحرين وتوابعها إلى أمير دولة البحرين، وتبع ذلك صدور مرسوم آخر بإعادة التنظيم الإداري للدولة، إذ تم تغيير مسمى (مجلس الدولة) إلى (مجلس الوزراء) و(رئيس مجلس الإدارة) إلى (رئيس الوزراء) وأعضاء مجلس الدولة إلى وزراء وبدأ مجلس الوزراء برئاسة الأمير خليفة عمله منذ اليوم الأول، وهو يضع نصب عينيه العمل على تحقيق الطموحات سريعًا ودون توقف، حتى يتم وضع البحرين في إطار الدولة الحديثة، وحتى تتحقق تطلعات وآمال الشعب البحريني، وقد شهدت البلاد منذ ذلك التاريخ تحقيق إنجازات كبيرة، حتى وصلت إلى ما وصلت إليه الآن من ازدهار وتقدم، حتى أصبحت نموذجًا يحتذى به لدى دول أكبر مساحة وأكثر سكانًا وأعظم إمكانات.
وكان سموه يحرص على الالتقاء الدوري برجال الفكر والخبراء المتخصصين في البلاد، ويدعوهم إلى قصره مساءً ليتداول معهم في مختلف الشؤون، ويعتز بصداقة الكتب فهو قارئ مطلع، كما يبدي سموه اهتمامًا كبيرًا بالتراث والتاريخ البحريني، ويستقبل ديوان سموه الكثير من رسائل المواطنين حيث يبدي سموه حرصًا كبيرًا على الاطلاع على بعض الرسائل المميزة، وغالبًا ما يوجّه إلى إجابة هذه الطلبات أو تحويلها للجهات المختصة بتوصية من سموه.
 ويبقى أمر واحد في قلوبنا جميعًا دون استثناء فإنه بالرغم من رحيله طيب الله ثراه، إلا أنه سيظل في وجدان أمته من كل أبناء البحرين المخلصين رجالًا ونساءً وأطفالًا بأفكاره وبأعماله الخيرة وبكل ما عمل به من أجل البحرين.
* كاتب بحريني
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية