العدد 5163
السبت 03 ديسمبر 2022
banner
إيران الغد
السبت 03 ديسمبر 2022

بعد أن فرضت الانتفاضة الشعبية الإيرانية نفسها كأمر واقع على الساحة الإيرانية رغم أنف النظام الإيراني، فإن الأخير كما ظهر ويظهر من مساع محمومة يقوم بها، يحاول جاهدا تغيير مسار وسياق الانتفاضة، وهو بذلك يكرر تجربة سلفه نظام الشاه الذي حاول كثيرا أن يؤثر على الغضب والرفض الشعبي ضده ويجعله في اتجاه آخر، مع ملاحظة أن نظام الشاه لم يحصد سوى الخيبة ومضى نحو سقوطه المدوي، فإن المثير للتهكم والسخرية هو أن هذا النظام ومن أجل خلط الأوراق وإضفاء حالة من الضبابية على هدف الانتفاضة الأساسي، فإنه يعمل على الإيحاء بأن هناك مسعى من أجل إعادة نظام الشاه!
هذا المسعى المثير للسخرية والذي في الحقيقة والواقع لا يمت للانتفاضة الشعبية الإيرانية الجارية بصلة، أشبه بمن يريد أن يعيد ميتا من أصحاب القبور إلى الحياة مجددا! ذلك أن السبب الأساسي في الانتفاضة التي يقوم بها الشعب الإيراني هو رفضه الديكتاتورية المقيتة التي ورثها النظام الحالي عن سلفه، والذي يؤكد فشل هذا المسعى الخبيث والمشبوه هو أن الانتفاضة الجارية منذ 16 أكتوبر 2022، أعلنت منذ البداية رفضها الشاه والملا على حد سواء، وأن الخطأ الذي تم ارتكابه بعد نجاح الثورة الإيرانية بقيام الخميني بسرقة الثورة وإلباسها رداء دينيا، لا يمكن أبدا تكراره بهذه الصورة السمجة بالعودة للوراء، علما أن النظام الحالي نفسه يعلم باستحالة ذلك، لكنه يقوم بالسعي بهذه الصورة من أجل خلط الأوراق وتمييع الهدف الأساسي والرئيسي بإسقاطه.
إيران الغد، إيران التي لا تشبه إيران الرازحة تحت نظام ديني متطرف، كما لن تكون أبدا كإيران التي كانت تنوء تحت حكم نظام الشاه، حيث إن الشعب الإيراني قد اتخذ قراره الفصل، وهو يريد قيام جمهورية ديمقراطية يتم فيها فصل الدين عن الدولة. وهذا هو ما يقض مضجع النظام الحالي ويجعله يشعر بقلق وخوف بالغ من هذه الانتفاضة ومن أنها ليست كالانتفاضات السابقة وأنها رسمت هدفها المنشود وهي سائرة باتجاهه ولا يمكن أبدا أن تحيد عنه.
* كاتب متخصص في الشأن الإيراني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .