+A
A-

سقف النفط الروسي.. عقوبة غربية أم "حفظ لماء الوجه"؟

في خطوة قد يكون لها تأثير كبير على أسواق الطاقة، قرر الاتحاد الأوروبي وضع حد أقصى لأسعار النفط الروسي بواقع 60 دولارا للبرميل، الأمر الذي جاء بعد مفاوضات مطولة وإجماع أوروبي، رغم الاختلافات في وجهات النظر حول السعر، وفي ظل شكوك حول مدى تأثير القرار على موسكو.

وأعطت بولندا، آخر الدول التي وافقت على القرار، الضوء الأخضر للاتحاد الأوروبي للموافقة على سقف أسعار النفط الروسي، الجمعة، ليتم الإعلان عقبها عن السعر المقترح، والذي تم تحديده على أسعار النفط الروسي المنقول بحرًا.

القرار الغربي

ترى دول الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع وحلفائها أن قرار فرض حد أقصى لأسعار النفط الروسي سيمنع عن موسكو عوائد اقتصادية قد تستخدمها لتمويل الحرب في أوكرانيا، والتي اندلعت في فبراير الماضي.

وتسببت الأزمة الأوكرانية في عقوبات متبادلة بين الغرب من جهة، وروسيا من جهة أخرى، كان آخرها قرار فرض الحد الأقصى على أسعار النفط، كما أعلنت روسيا بدورها عقوبات على الدول التي وصفتها بأنها "غير صديقة"، تشمل دفع مقابل إمدادات الطاقة بالعملة الروسية الروبل.

الأزمة الأوكرانية تسببت بمشكلات كبيرة على الاقتصاد العالمي، أبرزها ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة، والذي زاد معدلات التضخم بقسوة في مختلف أنحاء العالم.

كما تسبب انقطاع الغاز الروسي بشكل كبير عن أوروبا في إحداث أزمة طاقة تعاني منها القارة العجوز، في ظل شتاء بارد قد يتسبب في المزيد من المشكلات لشعوب دول الاتحاد الأوروبي.

رد روسي مرتقب.. ومطالبات أوكرانية

بعد ساعات من إعلان التوافق على حد أقصى لأسعار النفط الروسي، حذرت موسكو من أن القرار "خطير"، وأكدت أنها ستواصل البحث عن مشترين لنفطها رغم محاولة الحكومات الغربية فرض حد أقصى لسعر صادراتها النفطية، في إشارة إلى أن القرار لن يكون مؤثرا.

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومسؤولون رفيعو المستوى في الكرملين قد قالوا مرارا إنهم لن يوردوا النفط للدول التي تطبق سقف الأسعار.

وأصدرت السفارة الروسية في الولايات المتحدة انتقادات للقرار، السبت، قائلة إنه "إعادة تشكيل" لمبادئ السوق الحرة، وأكدت أن الطلب على نفطها سيستمر رغم هذه الإجراءات، كون روسيا واحدة من أكبر مصدري النفط في العالم.

وأضافت أن مثل هذه الخطوات ستؤدي حتما إلى "زيادة عدم اليقين وفرض تكاليف أعلى على مستهلكي المواد الخام".

إلا أن الرد الروسي على القرار، والذي قد يصدر رسميا مطلع الأسبوع القادم، لم يظهر جليا حتى الان.

من جانبه، أيد مدير مكتب الرئيس الأوكراني، أندريتش يرماك، القرار قائلا إن القرار "سيدمَّر اقتصاد روسيا".

وقال يرماك إنه "كان يجدر خفض سقف السعر الى 30 دولارا لتدمير الاقتصاد الروسي بشكل أسرع"، حسب تعبيره.

ويجري تداول سعر النفط الروسي، أو خام الأورال، بنحو 65 دولارا للبرميل، أي ما يزيد بقليل عن السقف الأوروبي، ما يعني أن وطأة القرار ستكون محدودة في المدى القريب.

جدوى القرار

وصف الدكتور ممدوح سلامة، خبير النفط العالمي، خطوة التوافق حول سقف لأسعار النفط الروسي بأنها غير فعالة، مؤكدا عدم وجود أي تأثير للقرار على الجانب الروسي.

وأشار سلامة، في تصريحات لـ "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إلى أن روسيا "ستقوم بقتل هذا القرار" حسب تعبيره، إذ سبق وأن أكدت موسكو في أكثر من تصريح بأنها لن تقوم بتوريد النفط إلى أي دولة تعتمد القرار أو توافق عليه.

"القرار قد يؤدي إلى زيادة أسعار النفط عالميا، ما يعني أن الدول الأوروبية، وهي الدول المستوردة للنفط بشكل صافي، ستعاني بقسوة من ارتفاع أسعاره، خاصة إذا قامت روسيا بتخفيض الإنتاج"، بحسب قول سلامة.

وأما عن الجانب الروسي، فيرى خبير النفط العالمي أن روسيا ستعمل بجد لإيجاد مشترين آخرين لنفطها في السوق الآسيوي، خاصة وأن موسكو لا تفتقر إلى مشترين لإنتاجها النفطي في وجود الصين والهند وتركيا على قائمة مشتري النفط الروسي.

"الدول الأوروبية قد تكون الخاسر الأكبر نتيجة لهذا القرار"، بحسب قول سلامة، والذي قال إن دول القارة العجوز قد زادت من العداء مع الجانب الروسي عقب اندلاع الأزمة الأوكرانية لحد "تجاوز المصالح الأوروبية"، وأصبح "بلا مبرر واضح".

وتترقب الأسواق ردود فعل مجموعة الدول المصدرة للنفط وحلفائها "أوبك+"، والتي يرى سلامة أنها ستراقب تأثيرات القرار على الأسواق، ومن ثمة قد تلتزم بقرارات خفض الإنتاج المعلنة سابقًا، أو قد ترفع الإنتاج، بحسب احتياجات السوق.

وكان كبير الباحثين في مركز سياسات الطاقة العالمية في جامعة كولومبيا، كريستوف روهل، قد قال إن وجود أسعار مختلفة للنفط سيكون لها تداعيات غير متوقعة، خاصة إذا ما كان الفارق كبيرا بين الحد الأقصى وبين أسعار النفط في السوق.

وأضاف روهل أن القرار قد يعطي الرئيس الروسي العذر كي يقوم بوقف عمليات بيع النفط الروسي، وعلى الرغم من استبعاد الدول الأوروبية للخطوة، "ولكن روسيا قالت نفس الشيء بالنسبة للغاز الطبيعي، وقد حدث الأمر"، حسب تعبيره.

وقال إن الأمر يتعلق بنحو مليوني برميل يوميا، ما قد يتسبب في الركود باقتصادات الدول الأوروبية، مشيرا إلى أن الخطوة "تترك الرد في يد روسيا، وهذا ليس جيدا"، بحسب تعبير روهل.