+A
A-

"ملكات " : السينما المغربية تترسخ في منطقة الاحترافية


تأخذنا المخرجة المغربية ياسمين بنكيران عبر حكاية مشبعة بالبساطة الي جملة من القضايا والموضوعات التى صيغت ونفذت في منطقة الاحترافية التى يستقبلها المشاهد في كل مكان في موقع الاستمتاع وايضا الذهاب الى تلك العوالم التى تمثل رحلة في الموزاييك الاجتماعي المغربي . 
يرتكز المتن الروائي لفيلم ( الملكات ) عن حكاية ملاحقة الشرطة لبطلات العمل الثلاثة عبر رحلته مقرونه بالمصاعب والسفر الطويل في جبال اطلس وتحدياته الجغرافية القاسية وصولا الى الجنوب المغربي ولكن صعوبة تلك الرحلة لا تتوقف عند التضاريس الجغرافية . بين مساحات الالم والمعاناة التى تحملها تلك الشخصيات بحثا عن الخلاص والامل والحلم . 
ياسمين بنكيران بذكاء شديد وهي تذهب الى تجربتها السينمائية الثانية بنثر مجموعة من الشخصيات وتبدا بتحليل دلالاتها وظروفها والضغوط التى تحيط بها . حيث يستهل فيلم ( الملكات ) الذى عرض ضمن اختيارات مهرجان البحر الاحمر السينمائي الدولي في دورته الثانية . من خلال حكاية الطفل – اسماء – التى تتسبب بحرق جوارب اطفال مدرستها بحجة انها تريد ان تري اقدامهم لانها تعتقد بخرافة ان هناك ساحرات وهى تعرفهم من اقدامهم . ويتم التواصل مع والدتها التى تقضي حكما بالسجن لادمانها المخدرات ولكن الام تقرر ان تخرج من السجن من اجل مساعدة ابنتها من الذهاب الى احدي الاصلاحيات وتمضي الرحلة في خط يتقاطع مع حكاية فتاة شابة تعمل في احدي الكراجات والتي يستغلها زوجها حيث يقوم بالسيطرة عليها واستغلال مرتبها ومعاملتها معامله سلبية وخلال مرافقتها لاحدي سواق الشاحنات يتصادق هروب الام وابنتها لتقوم الام باحتلال الشاحنة واجبار تلك الفتاة بقيادة الشاحنة ومساعدتها مع ابنتها للهروب . وضمن خط درامي متداخل نتعرف علية حكاية احد المحقيين الذي يعد ايامة الاخيرة للتقاعد والذى يكلف للتعاون مع ضابطة شابة للقيام بالقبض على الام الهاربة واينتها . 
في الفيلم كل من نسرين الراضي وجليلة التلمسي ونسرين بنشارة وحسن بديدة وسليمة بنمومن .وفريق تقني عال المستوي امن للتجربة الى ان تذهب الى منطقة الاحترافية ليس على صعيد الكتابة او الاخراج او حتى التمثيل بل جملة مفردات الفعل السينمائي العامر بالمومضات وايضا الاشتغال على الممثل ونكهة افلام الطريق . 
ورغم  كل تلك المعطيات الا ان الفيلم لم يخلص من تاثيرات فيلم ( ثيلما وليز ) 1990 للمخرج ريدلي سكوت وبطولة الثنائي سوزان سارندون وجينا ديفيز . والذى بات نموذجا ونهجا لعدد من التجارب في هذا الاطار . ولكن بنكيران تجتهد لصياغة بصمة وشخصية بالذات حينما تستدعي الموسيقات الاماريغية وايضا تلك الفضاءات التضاريس والرؤية البصرية التى تظل تعزف على مقام الاحترافية . 
الحكاية كما هي جميع الافلام تنتهي باغتيال الام ولتكمل ابنتها حياتها مع الفتاة الذاتية وكانهن يجدن الخلاص والامل في كل من هن للاخر وتكتشف الابنة بان تلك الاسطورة وحكايات الجنيات والنهاية الماساوية التى تشاهدها يوميا لم تكن هي المقصودة بها بل والدتها التى ضحت بنفسها من اجل ان تعيش ابنتها ويتحقق الخلاص للفتاة رفيقتهم في الرحلة . 
سينما تقول الكثير تحلل الحالة الاجتماعية بلا تكلف وبلا سفسطة او تكرار . بل هي مشاهد متسارعة تدلنا الى عمق القضية لنذهب في تلك الرحلة بكل ملابساتها وظروفها وشخوصها وهي تتعشق بين ظروف جميع الشخصيات واحلامهم وطموحاتهم وامالهم التى تظل تتعثر على تلك الصغور القاسية كصخور المجتمع وحياتهم . 
بعيدا عن الاطالة فيلم ( ملكات ) للمغربية نسرين بنكيران جرعة سينمائية تعمد السينما المغربية في منطقة الاحترافية التى يتقبلها المشاهد حول العالم لانها تحمل المتعة وايضا القضية ومن قبل كل ذلك الهوية والشخصية .