العدد 5167
الأربعاء 07 ديسمبر 2022
banner
وكشفت أسرار النصوص الخفية للجمعيات الدينية
الأربعاء 07 ديسمبر 2022

الحديث عن أزمة الجمعيات الدينية أصبح من الكثرة والتنوع، بحيث لا يستقيل أحد أعضائها إلا ويتبعه الآخر، وكأن هناك إدراكا جماعيا بالفطرة بعدم جدية هذه الجمعيات في مسائل عديدة تتعلق بالعمل الوطني الحقيقي وإغراءاتها ومغالطاتها ومحاولة إضفاء نوع من التماسك الظاهري، وبالتالي الإيهام باستحالة التغيير، ولنقرأ ما جاء في استقالة عدد من أعضائها والانسحابات لنكتشف أن هذه الجمعيات أشبه بمن يقف خلف واجهة زجاجية أنيقة لكن في لحظة المكاشفة يتضح أن هناك حياة حافلة بالمآسي والخلافات والمواقف على الصعيدين الشخصي والعام، بسبب فرض أجندتها بطريقة غامضة على الأعضاء، وهي أجندة تتعارض مع تطلعات ومواقف من يمثلونهم من المواطنين.
لقد كتبنا مرارا عن الجمعيات الدينية وما تقوم به من عزل أعضائها عن مجمل البناء الاجتماعي والكلام المنمق الذي تدخله في أذهان البسطاء من الناس باعتبارهم الوقود الذي تستعين به لتحريك أجندتها وتكبل عقولهم وروحهم وحركتهم فتتعثر خطواتهم، فهذه الجمعيات دائما وحسب خبراتنا المتراكمة تلبس أقنعة تدعي البراءة والطهر ويظهر قادتها على أنهم ملهمون ويحق لهم أن يفعلوا ما يشاءون ككائنات فذة، ومازلت أذكر كيف صوت الناس البسطاء قبل سنوات لأحد أعضائها وحملوه على الأكتاف وأحاطوه بالسعف والتهليل بعد فوزه في الانتخابات النيابية، وكأنه قائد المستحيل، ومن ثم تراجعت شعبيته بعد أن اكتشف الناس الدائرة المغلقة وأسرار النصوص الخفية للجمعية التي ينتمي لها.
إن هذه الجمعيات لا يهمها أن يبقى الشارع ملتفا بقدر ما يهمها المقعد فقط.. كلام معسول ووعود ليس لها أي مثيل قبل الانتخابات وعطايا وشعارات تملأ الشوارع والتقرب إلى الناخب بكل الود والطيبة، وبعد أن تحصل الجمعية على عدد من المقاعد تتحول الشعارات من داعمة للمواطن إلى شعارات “مطنشة” للمواطن.
من خرج عن هذه الجمعيات الدينية ووضعها القائم ليفتش عن منهج جديد في الحياة، واختار أن يكون سيد نفسه وحاكم أسلوبه وصانع كل ممارسة، مهما كان شكلها، هو فصل تحويلي مهم يفرضه شكل الوعي بالمعنى الشامل.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .