العدد 5169
الجمعة 09 ديسمبر 2022
banner
ما وراء الحقيقة د. طارق آل شيخان الشمري
د. طارق آل شيخان الشمري
الإعلام والهوية العربية (2)
الجمعة 09 ديسمبر 2022

الدول والأمم تحافظ على قوتها وسيادتها من خلال قوة إيمانها بهويتها وتاريخها وحضارتها، وهذه الدول تسن القوانين والتشريعات التي تجرم المساس بالهوية الوطنية والتاريخ والثقافة التي تشكل هذه الهوية، وأيضا تستخدم الإعلام كوسيلة تحافظ على هذه الهوية وهذا التاريخ والموروث، وتتصدى وسائل إعلامها لكل من يحاول الإساءة أو الانتقاص أو التعرض لهويتها الوطنية، بل وتضع هذه الدول وهذه الأمم مفاهيم حرية التعبير وحرية الصحافة وحرية الرأي تحت أقدام أصغر طفل لديها، إذا ما كانت هذه الحرية وهذا الرأي يتعرض لهويتها وتاريخها.
أما في العالم العربي، فالإعلام المرئي خصوصا على العكس من ذلك كليا، فهو يحاول طمس الهوية والتاريخ والحضارة العربية الإسلامية للمجتمع العربي، فمثلا الإعلام المرئي الخاص ينقسم إلى قسمين، القسم الأول إعلام تجاري يحارب الهوية العربية الإسلامية المحافظة من خلال بث محتوى هابط لدرجة الانحدار بقدسية وبشرية المرأة، وهذا الإعلام يعتمد على تحريك الغرائز من خلال تصوير المرأة وكأنها جارية في سوق نخاسة، فالمسلسلات والبرامج والأغاني كلها تقوم على استغلال المرأة وجسدها لتحريك الغرائز من دون أدنى اعتبار للمرأة العربية كزوجة وابنة وأم وجدة ومربية أجيال. أما الإعلام المرئي الخاص فيتمثل بمنصات التواصل الاجتماعي، ويعتبر إعلاما خاصا فرديا. وما بين بعض النساء اللاتي يبعن أنفسهن بحركات غريزية بالسوشال ميديا بشكل مقزز وشبه تعر جسدي وأخلاقي، وما بين أفراد استغلوا منصات التواصل لبث الحقد والفتنة بين أفراد المجتمع العربي، تعرضت الهوية والتاريخ العربي للخدش بسبب الإعلام الخاص سواء الفردي أو الذي تمتلكه شركات ومؤسسات.
أما الفضائيات الإخبارية وبشكل مختصر للغاية، فلم تحقق أدنى تسويق أو دعاية لأية هوية عربية أو مفهوم عربي.. بل حتى لم تحقق شيئا للجهة التي تمولها، وحتى نكون واضحين جدا وباختصار شديد والحكم لكم على ما نسطره، فإن العثمانيين والصفويين وأذنابهم، بالإضافة إلى الفرانكفونية والأنجلوسكسونية.. كلهم استفادوا من هذه الفضائيات الإخبارية وما تبثه من محتوى دعاية لهوياتهم وتاريخهم وبشكل مباشر، أضعاف ما استفادت منه الهوية العربية.. فقط تابعوا ما بثته هذه الفضائيات بالسابق لتروا الحقيقة المرة.
* كاتب وأكاديمي سعودي

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .