العدد 5169
الجمعة 09 ديسمبر 2022
banner
بعض معضلات ريادة الأعمال
الجمعة 09 ديسمبر 2022

رواد الأعمال وريادة الأعمال، من النشاطات الاقتصادية الاستثمارية الحديثة، ولهم دور هام يقومون به في دعم الاقتصاد الوطني في كل الدول. وهذا نظرًا، لأن الروّاد ومؤسسات رواد الأعمال يعملون في كل مرفق وفي كل شارع وركن، والجميع يحتاج إليهم في حياته اليومية.
والنفرة القوية الموجودة الآن في البحرين وفي كل المنطقة لدعم مؤسسات رواد الأعمال تعتبر أمرًا محمودًا ومبشّرًا بالخير. ولكنّ هناك أمورًا عديدة لا بد من اتباعها وتطبيقها بصورة صحيحة مفيدة لتأخذ النفرة واقعًا فعليًّا محسوسًا ولنرى النتائج الملموسة الظاهرة للعيان من هذا النشاط الحديث المتشبع بالنشاط والأفكار الريادية.
ولا بد لنا، في المبتدأ، من القيام بوضع اللبنات القانونية المطلوبة لتقنين أوضاع ريادة ورواد الأعمال حتى يكون التعامل معهم وفق أسس تنظيمية ومسوغات قانونية واضحة لجميع الأطراف. والتعريف أمر هام وذلك، ومن ضمن أسباب أخرى، لنعرف هل التعامل يتم مع أفراد أو مؤسسات أو شراكات أو شركات لأن لكل من هذه الأوصاف وضعًا معيّنًا من الناحية القانونية خاصة وأن الشخص الطبيعي يختلف تمامًا عن الشخص القانوني المعنوي المؤسسي الذي أسّسه الإنسان في شكل مؤسسات أو شراكات أو شركات للقيام بممارسة الأعمال وتحمل المسؤوليات نيابة عنه ووفق القانون وأحكامه.
 وما يقودنا لذكر هذه النقطة، نلاحظ أن هناك خلطًا واضحًا بين الشخص (الطبيعي والمعنوي) عند التعامل مع رواد الأعمال وكذلك المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وهذا الخلط يتبيّن خاصة عند التعامل معهم. وهذا قد يعود لأن هذه المسميات بالطبع مصطلحات حديثة نوعًا ما في المنطقة وفي العديد من دول العالم.
 إن رائد الأعمال أو رائدة الأعمال هو أو هي عبارة عن شخص طبيعي يمارس الأعمال وأطلق عليه هذا الوصف لأنه يقوم بأعمال ذات صبغة وصفة متميزة مبتكرة وعبقرية ولها أثرها الواضح في تطور الأعمال غير النمطية. وهو قد يقوم بممارسة الأعمال بنفسه وبصفته الشخصية أو قد يقوم بممارستها عبر مؤسسة صغيرة أو متوسطة يقوم بتأسيسها لهذا الغرض. لذا قد يكون رائد الأعمال من أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ولكن ليس كل صاحب / صاحبة مؤسسة صغيرة أو متوسطة من رواد الأعمال. ومن الأمثلة الحديثة الواضحة لريادة ورواد الأعمال نذكر مثلًا الشباب أصحاب موقع “هوت ميل” أو “فيس بوك” أو “آي فون”، وغيرهم كثر. 
 جميع هؤلاء رواد / رائدات أعمال لأنهم يمارسون أعمالهم ويقدمون منتجاتهم بطريقة عبقرية خلّاقة فيها الريادة بل والمبادرة واستفادوا من هذه الأعمال في جني ملايين الملايين وقبلهم استفادت منها البشرية جمعاء. وبعض رواد الأعمال ما زالوا يمارسون أعمالهم بصفتهم الشخصية الفردية دون تأسيس مؤسسات أو شركات.
 لذا، يجب التفريق بين من هم رواد الأعمال من “الطبيعيين” من ناحية وبين من هم رواد أعمال وأصحاب مؤسسات صغيرة ومتوسطة من “المعنويين” من الناحية الأخرى؟ إن لهذا التفريق عدة آثار، وهل تتعامل مع شخص طبيعي أو شخص معنوي قانوني؟ وللعلم، فإن الفرق كبير من الناحية القانونية.
بالطبع هناك أمثلة كثيرة لرواد ورائدات أعمال في المنطقة ومنهم من يحتاج للدعم المعنوي وللمساندة المادية، إضافة لتقديم البرامج التدريبية المؤهلة لخلق أو بلورة فكرة رواد الأعمال. وعلى البنوك والمؤسسات المالية وغرف التجارة والصناعة ومنظمات المجتمع المدني وغيرهم، الحرص على دعم هذه الشرائح لتحقيق طموحاتهم الذاتية وهذا يعود أيضًا بالفائدة على البلد ويعمل على تقدمها. 
وفي جميع الأحوال، يجب أن ندرك أن الصعوبات التي قد تعترض طريق رواد الأعمال كثيرة ولكن لا بد من مواجهتها وتقديم الحلول العملية والجريئة في بعض الحالات. ولا يفوتنا هنا إلا أن ننوّه إلى حاجتهم الماسة لتقديم الضمانات المطلوبة للتسهيلات والقروض المقدمة لهم. ولسد هذه الفجوة، نرى ضرورة وقوف الدول إلى جانب هؤلاء الشباب والقيام بتقديم كل الضمانات المطلوبة نيابة عنهم، وذلك عبر مؤسسات قومية وطنية لضمان القروض والتسهيلات المالية لهذه الشريحة الشابة المبتكرة، وذلك حتى يستطيعوا القيام على أرجلهم والاعتماد التام على مقدراتهم وامكانياتهم الخاصة. وفي نظرنا، أن دعم وضمان رواد الأعمال، عند الحاجة، ضرورة وطنية ومسؤولية قومية، وهذا أقل واجب تقوم به الدول ومؤسساتها ذات الاختصاص لدعم ريادة ورواد الأعمال للدرجة التي تمكنهم من القيام بدورهم خير قيام، وهذا قطعًا سيعود بالفائدة على كل المجتمع والاقتصاد الوطني. ولنفعلها اليوم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية