العدد 5176
الجمعة 16 ديسمبر 2022
banner
مفهوم الانتماء والمواطنة
الجمعة 16 ديسمبر 2022

التبس على كثير من الناس في وقتنا الحاضر بعض المفاهيم الأصيلة وحملوها على غير محملها، وذلك بسبب هيمنة بعض الأفكار الدخيلة، فقد شابها شيء من افتقار المضمون لكثرة المصادر وتنوعها واختلاط الغث بالسمين.
“المواطنة”، مصطلح مشتق من كلمة الموطن ومعناه في البعد الاجتماعي، الشعور بالانتماء لمكان الاستيطان، ناهيك عن البعد الجغرافي الذي يعني الاستقرار في بقعة من الأرض دون غيرها باعتبارها البيئة الحاضنة. إن مفهوم المواطنة والانتماء، لا تستوفي حقه بضعة أسطر في مقال أو كلمات تُقال في احتفال، حيث لا يمكن حصره في الجانب النظري فحسب، بل لا بد أن تتجسد دلائله في الأفعال قبل الأقوال، فسلوكيات المواطن ومدى التزامه في المواقف الحساسة التي تصب في الصالح العام وتفاعله بإيجابية حيال الخدمات ذات المنفعة العامة، هي إحدى الدلائل الواضحة على ذلك، فمثلاً: رمي الأوساخ في المتنزهات وأماكن الترفيه وسوء استخدام المرافق الخدمية بشكل عام والتي وضعت أساساً من أجل راحتك، إنما هي من نواقض الانتماء ونكران الجميل. إن الذي يبحث عن المكاسب ويستجدي المناصب ويأخذ دون مقابل، لا يُبتغى الخير من أمثاله ولا يُرتجى النفع من ورائه وإن تزلف هنا أو تبختر هناك.
هب أنك في بيتك أو في سيارتك أو في متجرك، لا شك أنك لن ترضى بهكذا سلوك مع مقتنياتك، إن عدم الالتزام بالإرشادات والاستهتار بالقوانين والتي من شأنها حماية المكتسبات في المجتمع بكل أشكالها، كفيلٌ بأن يبرهن لنا مدى ولاء هذا الفرد لموطنه حال غياب الرقابة، هذا مجرد مثال وجانب يسير جداً وما خفي أعظم.
ليتنا نبتعد قليلاً عن المزايدات العقيمة والمهاترات المملة، فقد كثرت الأقوال دون وجود أفعال، وتنوعت المناسبات وتفرعت المسميات، حتى تشوشت الأفكار وغابت المعاني، لذا أصبح من الضروري في بعض الأحيان شرح بعض المسلمات، وكما قال المتنبي: وليس يصح في الأفهام شيءٌ... إذا احتاج النهار إلى دليل. “المواطنة”، قبل أن تكون مادة تُدّرس في المدارس أو عَلما يُرفع في المحافل أو قصيدة تجود بها القرائح، هي مسألة شعور بالانتماء والولاء، هي تعبير عن شكر وعرفان لموطن وجدت فيه الأمن والأمان.

كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية