العدد 5176
الجمعة 16 ديسمبر 2022
banner
الشركات وتعزيز تطبيق الحوكمة
الجمعة 16 ديسمبر 2022

تسعى الشركات لتطبيق حوكمة الشركات والامتثال لأحكامها التي أصبح لا بد منها في العمل المؤسسي. وهذه القناعات تنبع من اقتناع قمة الهرم الإداري في الشركة من أن تطبيق الحوكمة سيعود بالنفع على الشركة ومساهميها والجهات المرتبطة والعاملين. ولتحقيق هذا، فإن الشركات تسعى نحو إعداد واعتماد أحكام الحوكمة مع تنفيذها ونشرها لتحقيق الشفافية المطلوبة في هذا المجال ولتوضيح أن الشركة ملتزمة بمبادئ الحوكمة.
 ونقول، إن إعداد الوثائق الخاصة بالحوكمة على أفضل وجه ثم اعتمادها والحرص على تطبيقها لا يعني الوصول لنهاية المطاف، بل هو يمثل ضربة البداية لوضع الشركة في مسار الحوكمة. ولكن بالإضافة لهذا وغيره، فإن التنفيذ الأمثل والالتزام بمبادئ الحوكمة يحتاج إلى الركوض نحو ذلك “الميل الإضافي”. وهذا بكل بساطة يعني الذهاب إلى ما هو أكثر من تجهيز التشريعات واللوائح. 
 إن تحقيق الوصول إلى “روح” ومضامين الحوكمة يتمثل في الانتهاج الجريء لعدة محاور، من أهمها توفير “الطموح” المطلوب لدفع الشركة نحو تطبيق الحوكمة على أفضل وجه. ونقول، على الشركة الخروج من “وهم” لدينا أفضل اللوائح والتشريعات الخاصة بالحوكمة، ولدينا موظف كبير لمتابعة أمور الحوكمة، ولدينا تجارب الحوكمة (...) على الشركة الانعتاق من مثل هذه الأفكار المعلبة لتقديمها كواجهة جميلة تقف من خلفها الشركة. 
 الإيمان بأهمية الحوكمة يستوجب اتباع خطوات كثيرة، ويجب العمل على تطبيق المضامين التي تسعى نحوها الحوكمة، وتقمص روح هذه المضامين في أفعال الشركة وأفعال الإدارة. وعلى إدارة الشركة وضع الخطط السليمة ومعها البدائل المناسبة للدخول في حيّز التطبيق تحقيقًا للمبادئ الفلسفية للحوكمة وأهدافها المنشودة.
 ذكرنا أهمية توفر الطموح لدى الشركة للوصول بالحوكمة للقمم، وهذا يتطلب تطبيق عدة مناهج منها، إعداد ميثاق “أخلاق العمل والمهنة” وهذه الوثيقة تتضمّن التوجيهات المتعلقة بكيفية تصرف إدارة الشركة والموظفين حيال تنفيذ واجباتهم في الالتزام بتطبيق الحوكمة على هدى أخلاق العمل والمهنة. 
 وهنا، يتفق الجميع على ضرورة توفر الشفافية للعاملين بالشركة حيث يعلم كل موظف التفاصيل المتعلقة بأعمال الشركة وما هو مطلوب منه وما يستحقه نظير القيام بهذا العمل، وهذا يشمل كل المعلومات بما في ذلك مقدار الراتب والامتيازات التي يتقاضاها. وفي هذا قمة الشفافية حتى يعلم كل موظف حقوق العاملين في الشركة ومدى انسجامها مع تطلعات الشركة لتحقيق الحوكمة.
 كل فرد داخل الشركة يجب أن يلم بتفاصيل مهامه وكيفية تطبيقها لتحقيق الالتزام بمبادئ الحوكمة. وكيفية تبادل الأدوار داخل الشركة انطلاقًا من أهدافها الرئيسية، وذلك من أجل الوصول بالشركة للتطبيق الفعلي للحوكمة. ولتفعيل هذه الأدوار على الشركة الحرص على تنفيذ دورها الريادي، وذلك يتمثل في عدة محاور منها مثلا تكوين “لجنة أخلاقيات العمل” على أن تكون اللجنة دائمة، وتوظيف مسؤول يقوم بدور الامبدشمان “الحسبة والمظالم” ومنحه الصلاحيات للجلوس مع الإدارة لدراسة الشكاوى وأيضًا تجهيز “خطوط ساخنة” للاتصال المباشر بين الموظفين والإدارة لتقديم الملاحظات حول الالتزام بأخلاق العمل والمهنة لتفعيل الالتزام بالحوكمة. 
ولا بد من حرص الشركة على إقامة الندوات لمناقشة ما يرتبط بأخلاق العمل والمهنة ورفع سقف التثقيف بهذه المبادئ وكيفية تطبيقها لتحقيق أمثل الوسائل التطبيقية. وقد يكون من المفيد إعداد برامج خاصة لمراجعة كل ما يرتبط بوثيقة وممارسات أخلاق العمل لتحقيق الحوكمة، وهل هناك انضباط أو تجاوزات في التطبيق أو القيام بممارسات خاطئة؟ وكيفية تجاوزها؟.
 إن القيام بأعمال المراجعة بالضرورة يستدعي وضع اللوائح الضرورية لكيفية الالتزام بتنفيذ المخرجات وما يلي ذلك من خطوات إدارية كالعقوبات أو منح الحوافز والترقيات لمن يتفانى في تطبيق مهامه ليكون دافعًا للآخرين. كل هذه الممارسات تتواصل في ما بينها حتى تشكل تصورًا متكاملًا متماسكًا يؤمن بمبادئ الحوكمة ويعمل على تطبيقها عن قناعة تامة وبصورة فعلية تتبني “لب” الموضوع وليس التمسك بالقشرة الخارجية. ومن مثل هذا الواقع، يكون هناك ثمر مفيد للحوكمة في الشركة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .