الفطرة التي فطرنا الله عليها.. أول صيحةٍ وأول رضعة رضعناها، حب الوطن، كأمنا وأبينا متعلقون بأذيال نخيله الباسقات، تهدهدنا على ظهور أبوامها أمواج بحره السخي بخيرات الخليج.. فطمنا على رطب مختلف ألوانه وتعلمنا الحبو على ترابه الخصب، ومشينا بين أزقته الدافئة “تاتا تاتا”.. عدونا قفزا فوق جداول مائه العذب وينابيعه الهادرة، هناك في عيون الماء أجدنا السباحة مع اتجاه تيار الحب والأمل، حب الوطن لا يساومنا عليه مساوم، وترابه أغلى علينا من تلال الذهب.
هذا الارتباط العاطفي والروحي بالأرض التي نشأ الفرد عليها ناشئ من شعوره بالانتماء والامتنان للوطن الذي يقدم له الحماية والأمان والمأوى والعيش الكريم. الوطن هو الهُوية المعبرة عن شعبه، حين ينتمي الفرد فيها لجماعة من البشر يعرفون باسم الأمة، ويعيشون على ذات الجغرافيا ويتشاركون ذات المصير والعيش المشترك ويصنعون حضارتهم معا ويفخرون بحضارات مرت وميزت هذه الأرض عبر العصور والأزمنة، حين تمتلئ الشعوب بالفخر بأوطانها تعمل بحب وتجتهد بإخلاص لترفع اسم بلدناها عاليا، وهي على أهبة الاستعداد للذود عن ترابها بالأنفس والمهج والمال والولد.
الوطن عز أبنائه والهجرة منه ذلة وهوان، وليس كالبحرين في كرم أرضها ورعاية حكامها وسخاء أهلها ودماثة طبعهم.. مملكتنا الحبيبة متناهية الصغر على الخريطة، كبيرة الأثر على العالم جله لكل ما أنجزت في سبيل نصرة الإنسان وإرساء دعائم السلام، وهي عظيمة التأثير على شعبها الذين أُشربوا عشق الوطن، وعلى المقيمين فيها، ومرتاديها الذين يسافرون إليها لينعموا بجمالها ويتعرفوا على أهلها الطيبين منذ أن خلق الله هذه الأرض ومن عليها؛ فسلام على دلمون من القلب، سلامٌ على أُرادوس الحب.
* كاتبة بحرينية