مع دخول الأجواء الباردة، ترتفع وتيرة “الكشتات” والطلعات الخارجية، حاملةً معها المتعة وانشراح النفس، وجرعاتٍ مترعةً بالسعادة والفرح، ويترافق مع ذلك نشاط الشواء بمختلف أشكاله ومعداته المستخدمة فيه، وبعضها مدمج مع الغاز لتسهيل عملية تحضير الفحم، وغالب الناس قد يتقن العملية وشروط السلامة والأمان، لكن قد يغيب ذلك عن بعضهم، وحينئذ تنشأ المخاوف من وقوع حوادث وخيمة، ومع أن إحصائيات الإصابات المحلية جراء عمليات الشواء غائبة، إلا أنها تصل في بعض الدول سنويًّا إلى عشرات الآلاف، وتُدخل الكثير منهم غرف الطوارئ؛ ليتحول مشهد الفرح إلى سلسلة كوابيس تؤرق المصاب وأسرته.
ومازِلتُ أذكر أحد الأصدقاء حين تعرض لحروق خطيرة جراء استخدام بعض المواد سريعة الاشتعال أثناء تجهيز فحم الشواء، واضطُرّ لإجراء العديد من العمليات الجراحية الدقيقة لإنقاذ حياته، والعديد من العمليات التجميلية الأخرى لحماية جسمه وتغطية جروح الحروق لتقليل مضاعفاتها، ومنع حدوث الالتهابات الخطيرة التي قد تهدد حياته، علاوة على معاناة أسرته ومحبيه جراء ذلك، وكلُّ هذا وقع نتيجة عدم إدراكه خطورة مثل هذه المواد سريعة الاشتعال، وغير المصنفة ضمن الاستخدام الآمن في عمليات الشواء، لذلك فإن الواجب على الجميع اتخاذ أعلى مستويات الحيطة والحذر، والحرص على استخدام المواد المخصصة لعمليات الشواء، والمصنفة ضمن الاستخدام الآمن فيها، مع ضرورة قراءة الكتيب الإرشادي المرفق مع الشوايات الحديثة المدمجة بالغاز، فبعض هذه الغازات يكون أثقل من الهواء فيعلق فوق أجزاء الشواية المغلقة، ما يهدد بحدوث اشتعال سريع أشبه بالانفجار، وهناك العديد من مقاطع الفيديو في موقع “يوتيوب” وغيره، وثقت مثل هذه الانفجارات في نحو هذه الشوايات، ومن وجه آخر، فإنه يتحتم صيانة الشوايات بشكل منتظم، وإزالة بقايا الدهون لمنع حدوث حروق يمكن أن تنجم عن احتراق هذا الدهن، ولنتأكد دوما من إبقاء المواد شديدة الاشتعال أو الأجسام القابلة للاشتعال في مكان بعيد عن الشواية، التي لربما التقطتْ أدنى ما يكون من شرار، وحينها قد يقع ما لا تحمد عقباه.
وفي السياق نفسه فليُجتنب وضع “المنقلة” وبها الفحم في الأماكن المغلقة بغرض التدفئة أو إعداد الشاي أو لأيّ غرضٍ آخر، وكلنا يذكر تلك الحادثة الأليمة منذ سنتين – تقريبا - حين توفي شخصان في منطقة عوالي، جراء الاختناق إثر استنشاقهما نواتج احتراق الفحم في مكانهما المغلق. حفظ الله الجميع من كلِّ سوء ومكروه.
* كاتب بحريني