العدد 5187
الثلاثاء 27 ديسمبر 2022
banner
الأسعار إلى مستوى ناطحات السحاب
الثلاثاء 27 ديسمبر 2022

مشكلة غلاء الأسعار لم تعد مشكلة عموميات، بل أصبحت مشكلة تفاصيل تحدد معالم الطريق، وبالرغم من مبرراتها التي لم تعد تخفى على أحد، إلا أن الوضع أشبه وكما يقال بجرح شرياني صعب الالتئام، ولابد من محاولات اللحاق أو السبق للوصول إلى بر الأمان وكبح جماح ارتفاع الأسعار في كل مكان وضبطها أو ستتفاقم المشكلة وسنصل إلى مرحلة النشاط الأعمى.
عمال “البرادات” الآسيويون يعطونك تفاصيل دقيقة بحكم خبرتهم عن ما يدور في السوق، وكيف وصلت الأسعار إلى مستوى ناطحات السحاب، فأحدهم أخبرني أن حتى العصا الخشبية التي تثبت فيها “المخمة أعزكم الله” دخلت في حسابات الفائدة والربح، فبعد أن كانت تباع المكنسة بدينار، أصبحت اليوم تباع بدينار و200 فلس، كما أنه شرح لي أيضا عن تلك القوة الخفية التي سترفع سعر كيس البلاستيك العادي الذي نستخدمه في البرادات، والاستغناء عن أنواع معروفة من “الشطة الحارة” نظرا لعزوف المواطنين عن شرائها واستبدالها بمنتجات مماثلة لكنها أقل جودة، وبهذا الطابع والابتكار البديعي ستختفي مع مرور الوقت معظم البضائع والسلع الغذائية المعروفة أو ذات الماركات الشهيرة التي اعتاد عليها المواطن، لتحل محلها منتجات غير معروفة ولا يفضلها المواطن، ومن السهل مشاهدتها مركونة في الأسواق والهايبرماركت.
لكن السؤال الذي سيفصلنا عن جذورنا ويفسد لحظة الاستقرار.. هل ستبقى أسعار هذه البضائع أو المنتجات البديلة التي لجأ إليها المواطن واختارها كما هي، وحيدة منعزلة، أم ستطالها ثقافة رفع الأسعار إن جاز لنا استعمال هذا التعبير الفضفاض جدا.
عندما يدخل اليوم أي مواطن من أصحاب الدخل المحدود أية برادة، تراه غارقا في ذكرياته، ويحدثك عن منتجه القديم الذي اعتاد عليه مع أسرته سنوات طويلة، لكنه وبحكم ارتفاع سعره تخلى عنه واختار البديل والأحجية الإضافية التي وجد نفسه أمامها فجأة.
* كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .