العدد 5188
الأربعاء 28 ديسمبر 2022
banner
يوميات مواطن دايخ “جمبازي”
الأربعاء 28 ديسمبر 2022

كل من في المجلس الكريم كانوا يستمعون لذلك الرجل القوي وهو "يسولف" عن قدراته الخارقة تارة، وعن علاقاته مع كبار المسؤولين في الدولة تارة أخرى، وكنت مع بقية الناس الموجودين في ذلك المجلس نهتف بين عبارة وأخرى "صادق".. "سالم".. "ما عليك زود".. "قدها وقدود"، وإذا حمى الوطيس لدى أحدهم قام وقبل رأس ذلك "الخارق".
من بين ما قال: "يا جماعة، جاءني أحد المواطنين يشكو من التعامل الصلف من قبل أحد المسؤولين الذي يرفض أن يوقع معاملته على الرغم من أنه أكمل كل الأوراق المطلوبة، فما كان مني إلا أن قلت له "طيب خاطرك.. أراويك فيه"، وفي اليوم التالي توجهت معه إلى مكتب ذلك المسؤول ووبخته بشدة وأخبرته بأنه إن لم ينجز معاملة المواطن وغيره من المواطنين، فسيوصل الموضوع إلى أعلى مستوى وسيندم على فعلته.. المسؤول ارتجف خوفًا واعتذر عن تأخير المعاملة ووقعها في الحال وخرج من مكتبه وسلم المواطن المعاملة موقعة وهو يبتسم ويعتذر عن أي تقصير.. وبينما أنا والمواطن نهم بالانصراف نظرت إليه بعين حمراء وقلت له.. مرة ثانية "عطل" معاملة مواطن وشوف شغلك".
وليس ذلك فحسب، بل زاد وأكثر من القول: "لو كان "بوفلان" موجود معنا لشهد على ما فعلته.. تعرفونني جيدًا أنني صاحب علاقات عنكبوتية مع المسؤولين وكل همي أن أخدم عيال الديرة".. وبعد كل عبارة من أقوال ذلك الخارق يضج المجلس بالهتاف "رحم الله والديك.. طول عمرك ذخر.. ما قصرت والله.. الله لا يحرمنا منك".
"إنت متى بتصير آدمي وتترك عنك التشليخ والصواريخ؟".. انطلقت تلك العبارة من شخص يجلس متكئًا على وسادة في منتصف المجلس وسط استغراب الناس فيما وجه "الخارق" "امتقع وانتفخت أوداجه".. ذلك الشخص، كأنما كان مستعدًا لهذه اللحظة حيث واصل حديثه متهكمًا: "إلا رحت للمسؤول الفلاني.. ودخلت على الوزير العلاني.. وبتلفون واحد أخلص معاملتك.. ومحد يقدر يوقفني، وكل ما تقوله ليس سوى هراء في هراء نسمعه منذ سنين وأنت واحد خرطي.. ابتلينا بك وبأمثالك من الجمبازية.. والله تأذينا بكم.. تكذبون وتتلاعبون بالناس.. يالله فج".
كادت "هوشة" بالأيدي والأرجل و"استكانات الشاي ودلة القهوة وصحن المكسرات تشب" في المجلس بين الاثنين لكن الله سلم.. فقد تدخل البعض "ويا ناس صلوا على النبي... اذكروا الله.. تعوذوا من إبليس.. وهلم جرا.. وفض المجلس.. شيعوا الخارق إلى سيارته ومضى ورافقوا الآخر إلى سيارته وانصرف.. وبقيت مع بعض الإخوة في المجلس نضحك على الجمبازية والصواريخ التي يطلقها بعض "الطرطنقية".. والله بلوى ابتلينا بهذه الأشكال.
على كل حال، قلت لنفسي: "أفا.. كنت ناوي أكلمه عن شغلة.. لكن يلله مالنا في "الجمبازي" نصيب.. أحسن".

كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .