منذُ عودة حركة طالبان إلى الحُكم في أفغانستان بعد انسحاب القوات الأميركية منها تعاني المرأة الأفغانية من التغييب من خلال فرض القيود المتزمتة على حريات المرأة وتكبيل حقوقها وتقييد تحركاتها في البلاد، ويومًا بعد يوم تزداد أوضاع المرأة وحياتها صعوبة وسوءًا، وذلك بسبب التفسير الخاطئ لتعاليم الدين الإسلامي، فقد مُنعت الفتيات الأفغانيات من متابعة تعليمهن الثانوي، وأجبرت الموظفات الحكوميات على ترك وظائفهن، وتم منعهن من السفر خارج مدنهن إلا بمحرم، بل وأن تقوم النساء بتغطية وجوههن في الأماكن العامة، وفرضت الحركة على المذيعات ارتداء النقاب على الشاشة، ومنعتهن من الذهاب إلى المتنزهات والحدائق العامة والملاهي وصالات الألعاب الرياضية والحمامات العامة بكابول، وحظرت على الرجال والنساء الجلوس معًا في المطاعم حتى المتزوجين، وفرضت عليهن ارتداء النقاب في الأماكن العامة، وأصدرت مؤخرًا الحركة قرارًا بحظر تعليم الإناث في الجامعات العامة والخاصة حتى إشعار آخر.
رفضت النساء الأفغانيات تلك القرارات بالخروج في مظاهرات والمطالبة بحقوقهن بالتعليم والعمل والحرية الاجتماعية وعدم التمييز بين الرجال والنساء، وإرجاع جميع حقوقهن، وهي حقوق إنسانية ودينية وليست هبات طالبانية، وإثر ذلك قامت الحركة بمنع التظاهرات واعتقال قادتها ومُنعهن من الخروج من البيوت.
لم يتغير وضع المرأة الأفغانية منذُ الحُكم الأول لطالبان الذي امتد من 1996م ــ 2001م، أو في الوقت الحاضر، فجميع القرارات الصادرة هي انتهاك لإنسانيتها ولا تضمن لها المساواة المجتمعية، خصوصا قرار منع تعليم المرأة الذي سيكون أثره مُدمرًا على مستقبل المرأة والمجتمع والبلاد، وتعتبر هذه الممارسات بمثابة آيديولوجيا طالبانية مُعادية للمرأة، وتهدف إلى جعل أفغانستان زنزانة للنساء.
لقد أكرم الإسلام المرأة ورفع مكانتها، وأمر بِحُسن رعايتها وتربيتها، ولا يرضى أن تمتد إليها اليد بسوء، وأن تكون في بيت زوجها بأعز جوار، ومازالت المجتمعات الراعية لحقوق المرأة مُلتزمة بهذه الحقوق وترعاها وتصونها، وتُعزز مكاسب المرأة في كُل المجالات، ما يجعل المرأة جوهرة ثمينة لا تُقدر بثمن، فالمرأة إنسانيًا ومجتمعيًا ودينيًا لها حق التعليم والعمل وسائر الحقوق السياسية والاقتصادية والمجتمعية الأخرى، وليس هناك فرق بين الذكر والأنثى في ذلك.
* كاتب وتربوي بحريني