العدد 5188
الأربعاء 28 ديسمبر 2022
banner
المزاج المريض الذي لا يعرف طعم السلام بين الشعوب
الأربعاء 28 ديسمبر 2022

كل من يحاول أن يزرع العوائق والصخور أمام “السلام” بين الشعوب سيفشل بأدق الأجزاء وستزداد دهشته حينما يشاهد أن البشرية تغير منحاها وأنها تصنع خطا جديدا للتوافق والسلام والمحبة لأنها حاجة تاريخية ملحة، وأشد بريقا وأقوى تفسيرا من أي وقت مضى، فمثلما المطلق هو ضالة الفلاسفة، فإن السلام ضالة ومطلب الناس العاديين على مستوى التصرف والسلوك، ولابد أن يكون لغتنا اليومية والزاد الذي ننهل منه والحافز لاتجاهاتنا المستقبلية.
إن الحياة فعل مستمر، وبالتالي اختيار مستمر، وكل الشعوب وبناء على هذه القاعدة اختارت السلام والمحبة والتعايش كوضع جديد، لأن السلام وكل ما تحتاجه الإنسانية يميل إلى التمدد والانتشار، أما التعصب الأعمى فهو نقطة استقطاب تتمركز حولها النفوس الضعيفة والأغبياء وأصحاب التعميمات الخاطئة التي ليس لها ما يبررها، وأكثر ما يضحك في الأمر هو أن أولئك المتعصبين يطالبون بالحرية والديمقراطية والمنهج الذي يترك الباب مفتوحا للجميع، لأن تلك القيم تضيف لتراث الإنسانية الفكري، لكنهم سرعان ما ينقلبون ويتحولون إلى مخلوقات مخيفة ترفض التصافح مع الآخر وتواجه الموقف بشراسة وفتنة وهتافات شاحبة تندفع نحو القاع.
إن الهزات الاجتماعية والسياسية التي تقوض العالم باستمرار، سببها أولئك المتعصبون أو المزاج المريض الذي لا يعرف طعم “السلام بين الشعوب” بسبب المناخ القائم الذي يحملونه، والحلقة المفرغة التي يدورون فيها، فهم غير منسجمين مع الواقع والطابع الإنساني، والنفور من الآخر والمختلف عنهم دينيا بحجة العبقرية والتفوق والاستناد على ماض والتوسل إليه بالرجوع ومحاربة المستقبل الذي لاريب فيه.
من أجل الإنسانية، يجب أن نتمسك بالمنهج الملائم وهو منهج “السلام بين الشعوب” بحقيقته النهائية والمطلقة، منهج السلام الذي نستخلص منه علاج مشاكل الإنسانية ونسعى إلى تحقيقه فعليا، وهي مهمة جماعية لا تتطلب شرطا غير التماسك وقبول الآخر ودعم بعضنا البعض.
* كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .