العدد 5192
الأحد 01 يناير 2023
banner
عام ميلادي جديد
الأحد 01 يناير 2023

يدخل علينا العام الميلادي الجديد 2023 متجاوزًا جميع التوقعات، مختلفًا عما سبقه من أعوام، منذ ثلاث سنوات قالوا إن عام 2020 سوف يأتي بوباء، وتحققت النبوءة، وحلت على الدنيا جائحة كورونا، وما أن اقتربنا من كامل التعافي، حتى خرجت علينا التوقعات بأزمة اقتصادية طاحنة، جذورها ممتدة منذ عام 2008، وحتى الجائحة الملعونة، ثم حتى الحرب الروسية الأوكرانية.
لم يحدد الخبراء أو المنجمون طبيعة الجائحة القادمة، ولم يصفوا لنا كيفية المواجهة، فقط أشاروا بأصابع الاتهام إلى الاقتصاد، ونحن نتحدث في المنطقة عن رخاء، عن معدلات نمو اقتصادي لا تقل عن 5 % في العام القادم.
أيًا كانت التحليلات، وأيًا كانت الرياح أو الأعاصير المنتظرة، إلا أن شيئًا غريبًا يتم تهيئة الأجواء له لكي يحدث، حدثًا كبيرًا لم يحدث، وأيامًا عصيبة ربما لا تترك منطقة في هذه الدنيا إلا وستمر بها.
كل ذلك ممكنًا، وكل ذلك متوقعًا، لكننا في البحرين ماذا يا ترى يمكن أن نفعل؟ ما هي أدواتنا للمواجهة، وإمكاناتنا لتصويب رد الفعل؟ بكل تأكيد لدينا من الإمكانيات ما يمكن أن نرد به على العاصفة، وما يؤهلنا لكي نقف يدًا واحدة أمام المنغصات الكونية، صحيح أن الأزمة الاقتصادية العالمية قد تضرب الأخضر واليابٍس، وصحيح أن التداعيات يمكن أن تصيب في الطريق ما لم يشتد عوده، وما لم تتضح ملامحه، إلا أن الأكيد أننا سوف تكون لدينا فرصًا بالجملة، تمامًا مثلما تكون ظروفنا مهيأة ومُعَدة سلفًا لكي نواجه التحدي بكفاءة أهل الخبرة، وحكمة السنين والتجارب.
مملكة البحرين مرت من أزمات كثيرة ومتلاحقة، وجربت جميع الوصفات، ونجحت في رأب الأصداع، ليس منذ الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008 فحسب، إنما على المدى من التاريخ عندما انهارت أسعار النفط في ثمانينات القرن الماضي، عندها انتهجت سياسة حكيمة لتنويع مصادر الدخل، وفتحت الأسواق للأشقاء والأصدقاء، وأنشأت بورصة الأوراق المالية، وسمحت للخليجيين بتملك العقارات والمجمعات التجارية، وانتعشت الأسواق وتم تقنين التداول في الأسهم والسندات وأذونات الخزانة.
وفي تسعينات القرن الماضي وإبان حرب تحرير الكويت دخلنا في أزمة من نوع جديد، ركود اقتصادي وانهيارات في أسواق الأسهم الآسيوية وتداعيات لا حصر لها على قطاعي المصارف والمؤسسات المالية، لكننا كنا بحجم التحدي وانتشلنا القطاعات والأنشطة الاقتصادية بمنح المؤسسات المالية الإسلامية حرية حركة أكبر، أنشأنا ما يسمى بشبكة المؤسسات الداعمة واستضفنا المجلس العالمي للمصارف ومؤسسات المال الإسلامية وهيئة المعايير للمحاسبة والمراجعة الإسلامية، وسوق إسلامية لرأس المال.
أصبحت البحرين منطلقًا وقاعدة ومرتكزًا لا يُشق له غبار على صعيد الصيرفة الإسلامية الدولية، تم تشغيل الشباب من الجنسين، وتم تدريبهم من خلال معهد البحرين للدراسات المالية والمصرفية، واليوم نحن أمام التحدي الأكبر، جامعات خاصة وحكومية تقدم المناهج والمقررات التي تحاكي احتياجات العالم الجديد، بحوث ودراسات وخدمة مجتمع وانصهار مع أهداف التنمية المستدامة لم يسبق لها مثيل.
اليوم جامعاتنا سوف تشارك في المسؤولية، واليوم يمكن أن تكون لها اليد العليا في تصويب المسارات والتصدي للجائحة الاقتصادية القادمة، بالدراسات ربما، بالبحوث العلمية، والحلول العملية، والتطبيقات المعتبرة قد يكون، لكن الأكيد أن لدينا من الإمكانات ومن الخبرات ما يؤهلنا لكي نضرب على الحديد وهو ساخن، بأن نعتمد على مؤسساتنا الأكاديمية تمامًا مثلما اعتمدنا على مصارفنا ومؤسساتنا المالية، وأن يكون لدينا تسويق في دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى للاعتمادية الأكاديمية التي حظيت بها بعض من جامعاتنا الخاصة.
صحيح أن الاعتماد في الشقيقة الكبرى السعودية سوف يؤتي أُكله، إنما الاعتماد في بقية الدول الشقيقة المجاورة سوف يكون له المردود الذي نحلم به، وكل عام وأنتم بخير.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية