العدد 5193
الإثنين 02 يناير 2023
banner
يوميات مواطن دايخ “محلحس”
الإثنين 02 يناير 2023

كنت مصدومًا بشدة إلى الدرجة التي أحسست فيها أنني أغرق.. أغرق.. أغرق.. أتنفس تحت الماء! ولم تكن في الحقيقة كلمة "محلحس" هي التي جرحتني وجرحت صديق عمري حينما سمعناها من مواطن بحريني "محلحس" مثلنا! بل الجرح الأعمق المؤثر هو كيف أن "محلحسين" يتفلسفون على بعض، قلبي الصغير لا يحتمل.

السالفة باختصار يا جماعة الخير، أن صديقًا عزيزًا على روحي ووجداني وفؤادي وكل جوارحي، طلب مني مرافقته لزيارة أحد البيوت بغرض خطبة فتاة طيبة لابنه الطيب أيضًا، فوافقت على الفور دون تردد، فهو أولًا صديق عمر.. ثانيًا هو رجل من أطيب الناس.. ثالثًا، لأنه "محلحس" مثلي، ولا ريب في أن مثل هذه المواقف، حين تكون مرتبطة بـ "توفيق راسين بالحلال"، وكذلك بكسب الثواب وإعانة الملهوف.. هي من فواتح أبواب الخير.. المهم، دخلنا المنزل وجلسنا مع والد الفتاة الذي سأطلق عليه تسمية "محلحس 2"، فيما صديقي يحمل صفة "محلحس 1"، أما أنا فبلا فخر صفتي "محلحس صفر".

تعمد "محلحس 2" أي والد الفتاة أن يتحدث بصوت خفيض وبتعابير وجه توحي بأنه "يتحدث غصبًا عنه"، وهو يقول لصديقي "محلحس 1": "سامحني يا الحبيب.. صحيح ولدك مثل ولدي وبنتي حسبة بنتك، لكن لا نريد أن تعيش ابنتنا في شقاء وتعب.. ولدك معاشه لا يتجاوز 300 دينار، ويسكن معك في غرفة ضيقة وعليه قرض أيضًا، فلا يصفى إلا على قرابة 180 دينارا، والمؤشرات تؤكد أنه لا هو ولا أنت ولا أنا ولا هي سنحصل على فرص مجزية برواتب مغرية ولو في المستقبل البعيد، لذلك، سامحني يا النشمي.. ما ودي أكسر خاطركم لكنني أخطط لابنتي ومستقبلها، لكي تعيش في راحة بال.. لذلك، على سبيل المثال، أسألكم: "هل ترضون أن تتزوج بناتكم وتعشن مع مواطن "محلحس"؟".

لم نكن نرغب في الإجابة مع أنها بسيطة، فكلنا "محلحسين" ولا فخر لأحدنا على الآخر، حتى أنني كدت أنطق الإجابة بصورة مغايرة، فقد أردت أن أقول كلنا في الحلحسة سواء ولكن أكرمنا عند الله أتقانا، لكنني هونت حتى لا يقال إنني "محلحس ويتكلم في الدين"، وقررنا ألا نجر أذيال الخيبة ونحن نغادر ذلك المجلس ونودع "محلحس 2" بل نخرج بعزة نفس لا يدركها إلى "المحلحسون في الأرض"، مع أنني شعرت بغصة صديقي "محلحس 1"، فخرجنا بهدوء بالطبع معنا "محلحس 3" ألا وهو المعرس مكسور الخاطر.

في الطريق قلت لصديقي "محلحس 2" وابنه "محلحس 3".. ولا يهمكم حبايبي، ترى أصابع اليد ليست سواء.. كذلك نحن معشر "لمحلحسين" لسنا سواء، ولا شك في أن رب العالمين سيكتب للولد نصيبًا عن "محلحس" يقدر الظروف.. وإن غدًا لكل "محلحس" طموح.. لقريب، والخير جاي.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية