الواقع الصلب الذي لا مهرب منه، هو أن موجة الغلاء التي تمزق جيب المواطن البسيط لم تتوقف عند السلع والبضائع، بل وصلت إلى العيادات الخاصة التي تحاول إخفاء بعضها وراء جدار من التضليل والخداع، وإذا كان المواطن في السابق يستطيع العلاج في العيادات الخاصة بعد أن يكون هناك فرق ملحوظ في ميزانيته، واقتراحات وتوصيات من الأسرة، فاليوم ومع أنفاسه التي تعلو وتهبط وجنبه الذي ينزف معاناة من المؤكد أنه لا يستطيع وصرخات الغلاء تحاصره من جميع الجهات، فالغلاء لا يستخدم أسلوبا لينا بل يستكمل معالم الهزيمة مع صرخة وجرعة من الألم.
أحد الأصدقاء انفجر بمفاجأة غريبة وقال وهو كالشجرة التي تسقط أوراقها “الله يبعد عنا ألم الضرس وعلاج العصب”.. هنا أدركت أن الأمر وصل مرحلة الخطورة، ويعني بكلامه معاناة المواطن من أصحاب الدخل المحدود مع توفير مبلغ علاج عصب الأسنان في العيادات الخاصة، وهو مبلغ مرتفع نسبيا مقارنة مع راتبه ومسؤولياته الأسرية، قد يوفر مبلغ خلع الضرس أو الحشوة الذي يتراوح بين 20 و25 دينارا، لكن علاج العصب يحتاج إلى جلسات وكل جلسة قد تصل إلى 40 دينارا، والمراكز الصحية لا توفر هذا العلاج، وإن كان موجودا فأقرب موعد يكون بعد عدة شهور.
عندما يذهب المواطن البسيط إلى عيادات الأسنان، يطوقها برضاه، كونه لا يملك أي حل، فالمراكز الصحية لا تعالج إلا بعد مواعيد تحدث الأوجاع في الصدر حتى أعماق الروح، لكن اليوم وبما أن الغلاء أصبح رفيقا لكل شيء، فمن المؤكد أن هذا المواطن البسيط سيجلس على سجادة صغيرة ويحمل سبحته للتهجد والعبادة ومن ثم يصلي ويدعو الله أن يبعده عن عيادات الأسنان وأمراض الأسنان، إنه سميع مجيب.
لقد أصبح الغلاء مثل المسرح الدوار، والعيادات الخاصة ستشكل علامة في طريق هذا المسرح.
*كاتب بحريني