أهتم بالمضمون أكثر من المظهر، لذا لا أجد حرجا في الخروج من بيتي بطبيعتي ودون مكياج، فأقل القليل من ترتيب يرضيني لأن المسألة تعتمد في المقام الأول على المحتوى الداخلي أكثر من الخارجي، إلا أن التقدم التكنولوجي الذي ساهم بشكل أو بآخر في أن يجعل الصورة تظهر بمظهر الكمال بوجود الفلترات وبرامج التعديل وغيرها، كلها أحدثت شرخا كبيرا في نظريتي التي بات يؤمن بها القليل، فالكل يسعى إلى الكمال من خلال مساحيق المكياج والملبس وما يتم تصديره من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وقد لامس ذلك الكثير، الكثير من المشاعر المصطنعة، الكثير من التباهي، الكثير من الجمال المزيف، الكثير من الكمال في كل شيء حتى بات المضمون آخر ما يلتفت إليه الجمهور.
كنت ومازلت أؤمن بنظرية أن الجمال يكمن في العيوب، وهي نظرية خاصة تماما في شخصي، لا علاقة لها بأية مدرسة، لكن حبي لاقتناء القطع الفنية ومنها اللوحات هو ما أسس تلك النظرية ورسخها في عقلي الباطن، فلا مجال للمقارنة بين لوحة خطت بريشة رسام وأخرى مطبوعة! أو بين سجادة صناعة يدوية وأخرى بالماكينة، وأعتقد أن هذه النظرية باتت تلامس لدي أيضا الأشخاص، فما الجمال دون راحة وهدوء وسكينة وتسليم في كثير من الأحيان؟!
لقد كانت النصيحة الأولى دائما التي أحب أن أنقلها لطلابي أن يهتموا بتزيين عقولهم عبر كثير من القراءة والاطلاع والممارسة والتمرين، فجمال العقول يسلب أكثر من جمال الوجوه، ولا أجد ضيرا أبدا في أن تكون جميلا أو وسيما وتهتم بذلك دامك أسست لجمال عقلك وأخلاقك في المقام الأول. وفي عصر مليء بالكثير من الزيف و”الشو” والبحث عن الترند وهوس التواجد والمعلومات المغالطة أحمد الله أن أجد في ما يقدمه أبناؤنا الطلبة الكثير من الحقيقة من خلال قضايا أساسية تهم المجتمع وتبحث عن حلول وتلامس واقعا أكيدا دون زيف أو بهرجة أو أكاذيب ملفقة، وهو المطلوب في عصر بات كل ما هو حقيقي نادرا وشحيحا.
*كاتبة وأكاديمية بحرينية