العدد 5201
الثلاثاء 10 يناير 2023
banner
الشدائد هي التي تصنع الإنسان.. مقارنة بين جيلين
الثلاثاء 10 يناير 2023

عندما تخرجنا من الثانوية العامة أنا وأبناء جيلي في منتصف الثمانينات، غلبت علينا النبرة الحماسية، وعرفنا الخط الفاصل بين كل شيء، وكانت حياتنا بسيطة ودون تعقيد، وعقولنا تتفتح وتنضج مع تقدمنا في العمر، وبحكم طبيعة المجتمع آنذاك لم نكن نهتم بملامح المستقبل وسبل الوصول إليه بصورة موضوعية، لكن على اختلاف المدارس والاتجاهات صنعنا أنفسنا بنوع من التوازن وفتحنا بيوتا دون أن ندخل في بحر هائج من المعاناة، فكان من السهل بناء ملحق في بيت العائلة للاستقرار، ومن ثم الانتظار لسنوات قليلة للحصول على وحدة سكنية والانتقال لبيت العمر.. كان كل شيء سهلا ويتحرك في حركة عمودية باتجاه أحلامنا المتواضعة.

لكن لو نظرنا إلى أبناء هذا الجيل بكل المفردات والمعاني، سنرى أن خارطة الرؤى تغيرت والتجربة الحياتية أيضا تغيرت، فما إن يتخرج أحدهم من الثانوية وحتى من الجامعة، تراه يسعى لتأسيس طريقه بصورة صعبة، فيمتزج الحلم بالواقع، ولنقل بكلمة أعم.. البحث عن وظيفة مناسبة وراتب كاف، وتبعا لمعطيات الواقع قد لا يحصل على ما يتمناه، وبعدها يتزوج ويضطر للسكن في بيت والده في ملحق أو شقة بالإيجار لغاية أن يكتب له الفرج ويحصل على بيت الإسكان، وفي الفترة التي ينتظر فيها بيت الإسكان – أعرف أحدهم طلبه منذ العام 2002 - تلطمه الظروف والمعيشة بيمينها، والقروض والديون بيسارها، ومع ذلك يعيش قناعة ذاتية نابعة من معرفته بالحياة وتياراتها المختلفة، وأن ماضي الآباء كان أسهل من حاضره.

نحاول قدر استطاعتنا تعبئة أبناء هذا الجيل معنويا، ليس كأسلوب تربوي قصدي يؤدي دوره كما تؤدي المدارس دورها، إنما لننقل لهم أن الحياة اختبار كفاحي والشدائد هي التي تصنع الإنسان وتكفل له التقدم، وعليهم هضم المفاهيم والاتجاهات الجديدة والتحلي بروح المسؤولية والقدرة على توجيه الذات، والنشاط القائم على التفكير.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية