العدد 5203
الخميس 12 يناير 2023
banner
الفكاهة تسقي أشجار العمر المعطوب
الخميس 12 يناير 2023

لقد أثارت الفكاهة الكثير من الكتاب والشعراء للتعبير عن نوازعهم والتفاعل مع الأحداث وتصويرها، حتى أن الكاتب المسرحي مولير قال إن الفكاهة ترتبط بالواقع وجوهر الحقيقة الإنسانية، بينما وصفها الروائي ميلان كونديرا بأنها مثل الموكب العجيب الذي يسترعي انتباه البشرية مثل الأزل، وهناك عدد من فطاحل الأدب العربي والفنانين تحدثوا أكثر عمقا وغزارة عن الفكاهة.
فالكاتب الكبير عباس محمود العقاد يرى أن الإنسان حيوان ضاحك، فهو ينفرد بهذه الخاصة، وبالرغم من أن الطفل يولد وهو يبكي لدخول الهواء في جوفه، إلا أنه لا يضحك إلا بعد أن يبلغ من العمر نحو أربعة أشهر، ذلك أن الضحك يحتاج إلى تدرب وتفكير.
أما الفنان نجيب الريحاني فيعتقد أن الضحك ينطوي على شيء من التشفي، فنحن إذا رأينا رجلا دأب على الزهو بشجاعته يجري في الطريق لأن كلبا “هو هو” عليه، ضحكنا، أما إذا رأينا طفلا مكانه أو امرأة فإننا نعطف عليه، ويعتقد الريحاني أيضا أن الإنسان الذي يضحك كثيرا هو الذي بكى كثيرا.
وللمؤلف المسرحي الكبير بديع خيري رأي آخر في الفكاهة، فيقول.. الدنيا مليئة بالأحزان والآلام، وكل امرئ عاقل يستخلص من تجاربه في الحياة أن الاستسلام للأحزان يسمم بدنه ويذهب بصحته وحيويته، لذلك يسعى إلى التغلب على أحزانه بالاستغراق في النواحي المرحة من الحياة، ومن يتصفح تاريخ الشعب المصري يرى أنه اجتاز فترات عصيبة، ذاق فيها مرارة المعاناة، لكنه مع ذلك ظل محتفظا بشخصيته المعنوية بفضل روح المرح الأصيلة في نفسه.
ويصف بديع خيري أن المشاهد الهزلية في المسرح تبقى عالقة في ذهن المتفرج أكثر من المشاهد الجدية، كما أن جمهور المترددين على التمثيليات الفكاهية أكثر من المترددين على التمثيليات ذات الطابع الفلسفي الجدي. حقا إن الفكاهة تداوي وتسقي أشجار العمر المعطوب.
* كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .