العدد 5203
الخميس 12 يناير 2023
banner
الامتحانات النهائية... ليست نهائية
الخميس 12 يناير 2023

من دون مقدمات، الامتحانات النهائية - بالمفهوم الدارج - ليست نهائية، ولا يمكن أن تكون نهاية المطاف، بل ولا يمكن الاعتداد بها كنتيجة نهائية أو حصرها في الجانب التحريري كحالة مسلمة لتقييم الطلبة، ما لم تؤخذ في الحسبان كل الاعتبارات المتعلقة بالعملية التعليمية وأحوال البيئة الدراسية منذ اليوم الأول للعام الدراسي، حيث إن من فلسفة التقييم أن يكون بدائلياً ومتعدد الوجوه والمصادر، لا حصره في أوراق وسرده من قبل ممتحنين يعيشون خارج نطاق ظروف البيئة الدراسية.
إن التقويم والتقييم يشكلان وجهان لعملة واحدة، لذلك فإن التقييم بحد ذاته يشمل المعلم والمتعلم، الأمر الذي يقودنا هنا إلى سؤال يفرض نفسه: من المسؤول عن تدني مستويات الطلبة والخروج بنتائج غير مرضية أمام لجان التقويم؟ فإذا سلمنا بأن التقصير من جانب الطلبة فإن مردوده السلبي يقع على عاتق المعلم بالدرجة الأولى وظروف البيئة الدراسية وتوابعها ثانياً، وإذا كان الأمر يتعلق بالخطة التعليمية، فإن الخلل يقع في آلية التنفيذ وما قد يترتب عليها، وبالتالي لا يستقيم اعتبار آلية “الامتحانات النهائية” المتبعة حالياً، أداة منصفة لتقييم الطلبة، حيث إنها لا تشكل إلا جزءا يسيرا جدا من فلسفة التقويم.
نعلم جيداً أن التقييم يجب أن يتم في جو تعلمي واجتماعي سليم حسب رؤية وزارة التربية والتعليم، وبالتالي فإن أي قصور – وهو الحاصل - في هذا الجانب سينعكس بدون شك على جودة التعليم، الأمر الذي سيؤثر سلباً على درجة التحصيل لدى الطلبة، بيد أن الغريب في الأمر، عندما لا يتم وضع فرضية الإخفاق والقصور قيد الاعتبار قبل الاعتماد على درجة “الامتحانات النهائية” لتنال نصيب الأسد في منظومة توزيع الدرجات، ويضل السؤال العالق دون إجابة: هل اكتسب الطلبة المهارات والمعارف الأساسية طوال العام الدراسي؟ حتى نأتي في نهاية الفصل الدراسي ونخضعهم لما يُسمى “بالامتحانات النهائية” التي تختم بها أعمالهم.
نحن نعيش في زمن توافرت فيه معظم الوسائل والتقنيات المطلوبة لمواكبة أحدث البرامج والخطط المؤهلة للرصد والتقييم، ناهيك عن المبالغ الطائلة التي تُصرف والميزانيات الضخمة التي تُرصد لحقل التعليم، لكننا للأسف مازلنا نرى أن التقييم في ورقة الامتحان والإجابة على الأسئلة هي البُرهان، ثم نأتي لنضع اللوم على الطلبة، وكأن لسان حالنا يقول: “ألْقاه في اليم مكتوفا، وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء”.
* كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية